كما أنه لا يستطيع المشي بشكل طبيعي من يراقب خطواته كي لا يتعثر فإنه لا يستطيع الشاعر أن يكتب قصيدته بتلقائية، وقد وضع من نفسه رقيبا على ما يكتب فالشعر حالة من التداعي وإطلاق العنان للخيال والشعور بأن يكتب ما تمليه الحالة التي ينسجم فيها مع ذاته دون تدخل من العقل الذي إذا حضر كتابة القصيدة ربما أفسد تلقائيتها وأعاق تداعيها وانطلاقها في آفاق النفس وفضاء الخيال. ويقول بعض الشعراء إنه ما إن تداهمه لحظة الكتابة حتى ينعزل عن واقعه ويشعر أنه يكتب ولا يعلم عن الوقت الذي يمر فهو في حالة توحد غالية مع الشعر، وحين ينتهي من الكتابة ويراجع القصيدة لم يعلم من أين وكيف جاءت صوره الشعرية وكيف تدفقت الأبيات وتوحدت وانسجمت شكلا ومضمونا مع بعضها البعض وكونت هذه اللوحة التي ربما عجب هو منها وعندها فقط ينظر إليها بعين الناقد الذي كان على حياد تام أثناء الكتابة.