في أقل من ثلاثة أيام استُشهد من جنود حرس الحدود السعودي ثلاثة شهداء بنيران مجهولين من الجانب اليمني. استشهاد الجنود السعوديين على الحدود مع اليمن تكرَّر كثيراً بسبب نشاط المهربين من الجانب اليمني، الذين يمتهنون التهريب في المخدرات والأسلحة والبشر. ولأن الجانب اليمني يعاني من مشاكل في الأمن فإن الأجهزة الأمنية اليمنية غير قادرة على ضبط الحدود التي تمتد من البحر الأحمر حتى الحدود مع سلطنة عمان، وهي حدود طويلة. وإذا كانت قوات حرس الحدود قد تعاملت مع هذه المشكلة المزمنة إلا أن تدفق المتسللين وشبكات التهريب اليمنية والمحلية والدولية يتم بصورة متواصلة، ويقاومون الجهود الأمنية التي تبذلها المملكة واليمن على حد سواء. ورغم قصور وعدم قدرة الأجهزة الأمنية اليمنية إلا أنهم يبذلون جهوداً تتناسب مع إمكانياتهم التي لا تتناسب مع حجم المشكلة. كما أن الأجهزة الأمنية مشغولة بتكليفات أمنية عديدة وكبيرة. والواقع أن مشكلة ضبط الحدود مع اليمن تتطلب إجراءات استثنائية وغير تقليدية. فتحصين الحدود بالدوريات الأمنية التي يقوم بها حرس الحدود لم يعد مجدياً؛ كون المهربين لهم تنظيمات وفرق منظمة وتعاون مع القبائل والمقيمين في القرى الحدودية؛ ولذلك فإن المجدي هو القيام بإنشاء حاجز حدودي أسمنتي، يمنع المتسللين والمهربين من عبور الحدود، إلا أن الحاجز لم يكتمل بعد ليحقق الغرض من إنشائه كما حصل في المنطقة الحدودية بين المملكة والعراق. ولهذا، وحتى يكتمل إنشاء الحاجز الحدودي، لا بد من التفاهم مع السلطات في اليمن على القيام بخطوات فعالة للقضاء على عصابات التهريب التي يقوم عملها على تهريب البشر والمخدرات والأسلحة. وقد أقدمت السلطات في المملكة على اتخاذ خطوة استثنائية، تتمثل في إخلاء قرى الحرم الحدودي في الجانب السعودي؛ حتى لا يستغل المهربون البيئة الاجتماعية والسكانية للتخفي بين السكان، وهو ما يتطلب من الجانب اليمني القيام بخطوات مماثلة، وأن يعملوا على تتبع عصابات التهريب التي تنشط على الأراضي اليمنية، خاصة الذين تخصصوا في تهريب المتسللين، ومعظمهم من إفريقيا، الذين يصلون إلى السواحل اليمنية ثم يُنقلون إلى الحدود السعودية اليمنية، بمعنى قطعهم الأراضي اليمنية من الجنوب إلى الشمال. كما يتطلب القضاء على هذه المشكلة تقوية التعاون الاستخباراتي والأمني بين الأجهزة الأمنية لمتابعة أنشطة عصابات التهريب، التي تستهدف الأمن والاستقرار في المملكة، خاصة العصابات التي تهرّب الأسلحة والمخدرات، وهو جهد لا يمكن أن يتحقق إن لم يكن هناك تعاون صادق ومخلص من الجانبين.