تركزت جل خطط وزارة العمل بتوظيف الشباب السعودي على مبدأ الإحلال أي توظيف العاطلين على وظائف يشغلها وافدين وقد تكون الوزارة نجحت بالتوظيف الكمي وبارقام فاقت 500 الف شاب وشابة خلال الأربع سنوات الماضية من خلال برامج عديدة خدمت فكرة الإحلال إلا ن نوعية الوظائف ودخلها لم يكن بالمستوى المأمول. غير أن الوظائف التي ولدها الاقتصاد منذ قرابة العشرة أعوام التي تسارعت فيها وتيرة نمو الانفاق الحكومي لم تكن بنوعية تعطي نتائج افضل من الواقع الحالي فحوالي 67% من الوظائف بالقطاع الخاص تتركز في قطاعي التشييد والبناء والتجزئة اي قرابة 5.2 ملايين وظيفة والقطاعين لا يحتاجان في غالبية الوظائف المشغولة فيهما إلى تأهيل عالٍ ولا ينتجان دخلاً جيداً وتتسم أغلب الوظائف فيهما عالمياً وليس محلياً فقط بأنها وظائف غير دائمة.. فمتوسط رواتب السعوديين فيهما تقف عند 2800 ريال بقطاع التشييد و3300 بقطاع التجزئة وفق إحصاءات وزارة العمل في كتابه المنشور عن عام 2012 كآخر إصدار موجود على موقعها وقد بلغت نسبة السعوديين العاملين بالقطاعين 55 بالمئة بواقع 34 بالمئة في قطاع التشييد و21 بالمئة في التجزئة أي أن هذه النسب تتطابق تقريباً مع حجم ونسبة ما يمثلانه القطاعان في سوق العمل. ولكن هل يمكن اعتبار مبدأ الإحلال هو الحل الأفضل أو الوحيد حالياً للقضاء على مشكلة البطالة؟، فمن المؤكد أن ذلك مستحيل فعدد العاطلين عن العمل حالياً بحسب إحصاء رسمي يبلغ 622 ألف عاطل من الجنسين فيما لا يتوفر سوى مليوني وظيفة يمكن أن ينافسوا عليها على اعتبار أن 78 بالمئة من الوافدين هم بدون مؤهلات ودخل وظائفهم ضعيف لا يتناسب مع احتياجات الأسر أو الفرد بالمملكة وبما أن الدخل من جل الوظائف التي شغلها العاطلين هي متدنية وليست من نوعية دائمة لأنهما يتاثران بالإنفاق الحكومي فإن احتمال عودة جزء منهم لمربع البطالة أمر وارد جدا خصوصاً أن القطاع العام لا يمكنه أن يستوعب نسبة كبيرة من العاطلين لترهله ولكي لا يضغط بند الرواتب كثيراً على موازنة المملكة في حال تراجع سعر النفط المورد الرئيسي للاقتصاد المحلي. ومن هنا يجب النظر للسنوات القادمة والتي قد لا تتعدى خمس سنوات من ناحية أن مخزون الوظائف بالقطاع الخاص لن تكفي لاستيعاب الداخلين الجدد لسوق العمل من الشباب والذين يقدر عددهم بقرابة 300 ألف شاب وشابة سنوياً وقد سبق للبنك الدولي أن حذر قبل عام تقريبا بأن القطاع الخاص السعودي لن يكون قادراً على استيعاب الأعداد القادمة لسوق العمل خلال أقل من سبع سنوات حيث قدر البنك عدد طالبي العمل المتوقع عند 1.4 مليون مواطن من الجنسين في حينها على اعتبار أن طبيعة سوق العمل ونوعية الوظائف وما يولده الاقتصاد من فرص عمل فيه لن تفي بتوفير العدد المطلوب من الوظائف للاعداد القادمة لسوق العمل مما يعني أن الحاجة لتنويع الاقتصاد بوتيرة متسارعة باتت ملحة جدا وتحتاج الى التوسع بالقطاعات الحيوية التي تخلق فرص عمل دائمة وذات دخل جيد مع التوسع بدعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة وربطها بانظمة تدعم فرص نجاحها ليكون سوق العمل واعداً بإطار تتنوع من خلاله مصادر توليد فرص العمل. سوق العمل يعد المعيار الرئيسي لنجاح الخطط الاقتصادية وانعكاس الإنفاق الاستثماري الحكومي وما يجذبه الاقتصاد من استثمارات خلاقة لفرص العمل الجيدة خصوصاً أن نسب المتعلمين من الشباب تعد مرتفعة ولا يمكن الارتهان لواقع السوق الحالي وأساليب خفض البطالة من خلاله لأنها ستتوقف في لحظة ما لن تطول كثيرا وسينفذ مخزون الفرص بمبدا الإحلال مما يتطلب توجهات اقتصادية مختلفة تعطي نتائج إيجابية للمستقبل.