خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أيَّده الله - يضرب المثل في حكمة الرأي وسداده، ويجسد صورة ناصعة للحاكم الذي يحب شعبه ووطنه، ويسعى لاستقراره ورفاهيته، فيرقب أحوال الدول والممالك من حوله، ويأخذ العبرة من أحداث الزمان وصروفه، ويقرأ الواقع بعين الأب الحاني، ويستشف المتوقّع بعين الناصح الأمين، فيرى ضرورة إعادة ترتيب بيت الحكم بما يتجاوب مع المتغيّرات الآنية، ويحقق للوطن استقراره، ويوفر للمواطن أمنه وضروريات حياته، بل ورفاهيته في ظل حكم قوي حازم رشيد، لا تتلاعب به الأهواء، ولا تزحزحه العواصف الهوجاء، راسخ الأصول شامخ الفروع سامق البنيان على ثوابت شرعية، وقواعد شورية، ونظرة إلى عموم المصالح مرعية. لقد قطع المليك - أيَّده الله- بهذا المرسوم الطريق على موتور الأقلام في مأجور الإعلام، وبدد بهذا القرار تكهنات الكهان، وترهات المنجمين وأدعياء الفهم والعرفان، وأخرس به تخرّصات المتخرّصين، وملأ بالحسرة قلوب الحاقدين المتربصين، فكَرَّ عليهم بما لم يجرِ لهم على بال، ودَهَمَهُم بما لم يكن لهم في الحسبان في حال أو مآل، فبدَّد به وساوسهم، وطوّح به هواجسهم، وضرب به أقفيتهم، وأخزى به وجوههم، وبث الطمأنينة في قلوب المواطنين وأكد لهم أنه عليهم وعلى وطنهم أمين ومكين. وأنه إذا بدت في الآفاق شموس الفعال انخنست لها قوافل الظنون والأوهام كسافة البال ضعيفة المحال، وإذا نطقت بيض الصفائح خرست سود الصحائف، وبان الصبح لكل ذي عينين، وتوارث عن الأنام خفافيش الظلام. لقد جاء اختيار صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد أخيه الأمير سلمان بن عبدالعزيز إضافة عظيمة إلى أركان الدولة السعودية الثالثة، وخطوة مباركة نحو الاستقرار السياسي والاقتصادي، وأمارة على عظيم التوافق بين أبناء البيت السعودي بما يقطع الطريق على الحاقدين والمرجفين والمتربصين بأمن البلاد واستقرارها. وإن اختيار الأمير مقرن بن عبدالعزيز - حفظه الله - لهذا المنصب لهو ابلغ دليل على ثقة المليك - أيَّده الله- في قوته وأمانته وجدارته بولاية العهد، بل وبالمُلْك إذا شغر المنصبان، وإنه بذلك لجدير بما يمتلك من مواهب، وبما يحظى من ملكات، ففي كثير من الميادين العلمية له رؤية، وفي كثير من المجالات العملية له بصمة، وفي ميادين الثقافة والشعر والأدب له صولة وجولة، فهو عظيم الاهتمام بالكتاب، شديد الكلف بالعلوم والآداب، تقلَّب في المناصب الإدارية، وتناوب على المواقع التنفيذية. ونحن إذ نهنئ قادتنا وولاة أمرنا على تمسكهم بثوابت الإسلام، ورعايتهم لمصالح المسلمين، وما هم عليه من حكمة وحزم، وما يتحلّون به من بصر بالواقع وبصيرة بالعواقب - لنؤكّد على بيعتنا لهم، ونجدّد العهد معهم على طاعة الله ورسوله، وعلى أن نكون جنوداً في صفوفهم، وسهاماً في كنانتهم، سائلين الله العلي القدير أن يديم عليهم وعلى هذه البلاد أمنها وعزها واستقرارها ورخاءهما وسائر بلاد المسلمين.