لا يخفى أن التكامل في الجوانب الحياتية أمر فيه جملة من المعطيات الإيجابية، وخلافها يعطي تصورات تكون بعيدة عن تلك المعطيات مع طبيعة الحراك الثقافي والإبداعي، وربما يشمل الفكري أيضاً ويسير نحو آلية يتطلب فيها شذوذا أو تمرداً من نوع معين، وهذا ما يجعل تلك الشخصية المتمردة ذات عطاء ربما يكون مختلفاً عن غيرها، وهذا قد يحسب في كثير من الأحيان لصالحها من وجهة نظر أو ضدها من وجهة نظر أخرى في أحايين قليلة، ولكن هذا المبدع أو ذاك المثقف حينما يتخذ قرارا فردياً وينعزل ويخالف الفكر الجمعي ويشذ كونه بعيداً عن الرؤية الواقعية والمنطقية فهذا يتنافى وعلاقة المثقف بالثقافة، كون الثقافة مزيجاً من الرؤى وتلاقحها في إطار أجمل ما يطلق عليه بأن فيه رؤى توافقية مع احتفاظ كل طرف بما يذهب إليه، ولكن التقاطع في مساحات كبيرة قد يشكل خلطا رائعاً وربما يؤدي إلى معطيات تخدم ما ينطوي ويستظل تحت مظلة الثقافة، ولا يخفى أن الفردانية ذات مفهوم لم تتضح رؤيته وإن تمثلت في أن الفرد يعتمد على نفسه في اتخاذ قراراته وتنفيذ رغباته وأهدافه، حتى وإن عارضت الآخرين والفردانية كما يقال عنها بأنها مثيرة للجدل، وأن صاحبها يتسم بالأنانية، وبالرغم من تداول وانتشار هذا المصطلح هنا أو هناك تبقى الفردانية محل خلاف .. ولذا نجد أن هنالك بعض المثقفين يعتمد على مرجعية معرفية خاصة به ويريد أن يشاركه الآخرون وإن لم يتوافقوا معه، وذلك من أجل إثبات وجوده وسيطرته وفردانيته، وكأنه يقوم بإقصاء الرؤية الثقافية الموحدة، ومن وجهة نظري ربما مثل هذه الرؤية قد تخدم وتعطي الجديد، وقد تدمر المثقف وتعزله عن المحيط والثقافة الجمعية في هذا المجتمع أو ذاك، وأظن أن مثقفينا ومبدعينا بعيدون كل البعد عنها وإن شذ واحد أو اثنان وتغمصها ولبس ثوبها ظاهرياً ففي الواقع خلاف ذلك، ومع هذا أظن أيضاً بعدم وجودها بيننا وإن وجدت.