أعايش عن قرب موقع الأنثى المتأزم في معادلة المجتمع الخاص بين المثاليات والممارسة. وما زلت مهتمة بالتوعية العامة بشأن التنشئة والممارسات السلبية التي أصبحت متقبلات خارج نطاق التساؤل. ولإيماني بأن التوعية المجتمعية جزء أساسي في ترشيد ثقافة المجتمع وتعديل ممارساته السلبية بادرتُ بصورة فردية بطرق باب البحث في مسببات تعطيل المجتمع لنفسه بنفسه عن النمو بصورة إيجابية، مبتدئة بموضوعين مهمين: الأول «دور المرأة السعودية في التنمية» بصورة محاضرة عامة وحوار جاد مع الطالبات وسيدات المجتمع في جامعة الملك فيصل بالدمام، ثم جامعة الملك سعود بالرياض بعد عودتي من الدراسات العليا. ونشرتها وقتها جريدة الجزيرة مشكورة على صفحة كاملة ليتلقفها كل باحث مهتم بمشاركة المرأة؛ والثاني موضوع «العنف الأسري وإساءة معاملة الأطفال»، عبر مقالات متعددة، ومقابلات مرئية ضمن برنامج المرأة الصباحي بالقناة الأولى، إذ أخذت المذيعة الواعية زمام المبادرة في طرح موضوع هذه الممارسة المنتشرة والمتقبلة وغير المعترف بها كخطأ مجتمعي يدعمه العرف. كان الكلام في مثل هذين الموضوعين بالذات يعني مقارعة ذلك الفضاء الملغم بالأشواك والنقد، ضمن المسموح له رسمياً والمرفوض اجتماعياً الاعتراف بأهميته ومصيرية البت فيه. هل تغير الوضع منذ ذلك الحين؟ نعم ولا. تغير من حيث وعي المسؤولين وبعض أفراد المجتمع المهتمين بخطورة الوضع ومصيرية رفض وتغيير ما هو متقبل مجتمعياً وضار فردياً؛ مثل ضرب الصغار واستغلال النساء، وبالمثل مصيرية فرض ما هو مطلوب شرعاً وما زال يرفض عرفياً تحت تفسيرات مغالطة أو مغلوطة، مثل الفصل بين زوجين بحجة عدم تكافؤ النسب، والتسامح في إضرار المنجب بمن أنجب أو ولي الأمر بمن هم تحت ولايته وقوامته. ومن المؤسف أن لم يصاحب التغير في وعي البعض قدرة تغيير الممارسة المجتمعية فعلاً لأن سلطة العرف بتكرار ملزم أقوى من الفرد. تغيير الممارسة لا يتم إلا باتخاذ قانون رسمي بشأنها وتوضيح إجراءات معاقبة من لا يطبق القانون الرسمي، وتطبيق الإجراءات على كل مخالف بلا استثناء. بالتأكيد نحن في حاجة ماسة لمدونة للأحوال الشخصية تسن وتقنن إجراءات تخرج بالمرأة والشباب والأطفال، من تعنت أعراف الأسر والمجتمع. وتضمن حقوقهم الإنسانية خارج التحيز الذي استشرى في متقبلات مجتمعنا ومؤسساته بكل مستوياتها. *** وبلا شك لتكون وطن الأمان وفي صدارة الأوطان المتميزة عليك أن تنجح في امتحان العدل في معاملة كل المواطنين، والقدوة الواعية في تنشئة الصغار، والرقي في معاملة النساء.