لم يثر استغرابي ما قامت به اللجنة المكلفة التي شكلت من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب حيث قامت بالتدقيق في سجلات النادي وحصر جميع الديون السابقة والتي أثقلت كاهل العديد من الإدارات خلال الفترة الماضية، ولم أتفاجأ عند ظهور أول النتائج بأن أكثر من نصف ذلك الدين لا يوجد له أساس مثبت عبر سندات موثقة من قبل الرئاسة، حيث صدر بذلك نظام قبل عدة سنوات يشترط على أي التزام أو دين للنادي لا بد من المصادقة عليه من رعاية الشباب وإلا لن يعتد به. ولعل ما قام به سمو الأمير نواف بن فيصل الرئيس العام لرعاية الشباب مؤخراً من تطبيق ذلك النظام عبر إسقاط جميع الديون غير الموثقة وتحويلها إلى هبات لتعتبر درساً عملياً على ضرورة اتباع المنهج الإداري الصحيح عبر الالتزام باللوائح والأنظمة التي تم إقرارها من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب، فما حدث في نادي الاتحاد لن يكون الأخير فهناك العديد من الأمثلة بجميع الأندية من ديون مسجلة بعضها سُلم بالفعل وبعضها قد يخالف الواقع أو لا أصل له، إذ لا بد من توضيح ذلك الدين لأي جهة يتبع وما سببه مع توثيقه من قبل رعاية الشباب. فلا يخفى على كثير من متابعي الرياضة مقدار المعاناة التي تكابدها جميع الأندية الرياضية بلا استثناء فيما يخص الجانب المادي كنتيجة لسوء أداء بعض الإدارات أو تعاقب الإدارة تلو الأخرى وما يصحبه في الغالب من ضياع للحقوق واستنزاف للموارد بصورة أو بأخرى، ويحدث ذلك كنتيجة حتمية لغياب الفكر الإداري المحترف الذي من شأنه أن ينهض بالأداء عبر تطبيق المعايير العلمية واستنساخ التجارب العملية للأندية الغربية التي لها باع طويل في العمل الإداري الرياضي. ولعل ما عاناه نادي الاتحاد طوال الفترة الماضية وأثقل كاهل النادي عبر تحميله عشرات الملايين من ديون لا تتوافق مع أنظمة الرئاسة العامة لرعاية الشباب، أو عبر الدفع لبعض اللاعبين مبالغ طائلة تفوق قدراتهم بصورة كبيرة وتدعو للاستغراب عن الآلية التي تمت بها تلك الصفقات والمعايير التي تم على أساسها اختيار ذلك اللاعب وتحديد القيمة والمبلغ المالي الذي دفع له.. فقد كان من أهم الأسباب التي دعت الإدارة السابقة لنادي الاتحاد ودفعت رئيس مجلس إدارة النادي السابق الفائز للاستقالة هو ذلك الدين الكبير بالإضافة إلى تراجع أداء الفريق الأول لكرة القدم، فلا يمكن للنادي من الوقوف والاستمرار إلا بوجود مصادر دخل كفيلة لاستقطاب أمهر اللاعبين والإداريين المحترفين الذين من شأنهم تحقيق أفضل النتائج سواء داخل الملعب أو خارجه عبر تشجيع الجماهير للاستثمار والدخول في عضوية النادي والإقبال على شراء منتجاته. ويمكننا القول إن انتخاب إدارة جديدة يعتبر تغيراً كبيراً في أحداث النادي خلال الفترة الماضية من تاريخه، وخطوة في الاتجاه الصحيح فالرئيس الجديد إبراهيم البلوي هو أحد أعضاء النادي وأبنائه الذين كانوا على مقربة من النادي خلال فترات ماضية تنقل خلالها لعدة أعمال في إدارة الفريق وعضو مجلس الإدارة سابقاً، وهو رجل أعمال في المقام الأول وبالتالي له تجربة عملية كبيرة في إدارة الأعمال داخلياً ودولياً نظراً لما يمتلكه من أعمال وشركات. ولعل ذلك الفكر الإداري الذي يمتلكه البلوي ويسانده ما يتمتع به من خبرة عملية في عالم المال والأعمال، قد يكون سنداً في عودة النادي العريق إلى سابق عهده إذا ما تم تفعيل الجانب الإداري عبر الاستعانة بالخبرات والأشخاص ذوي الكفاءات من حملة المؤهلات العلمية والخبرات العملية في المجال الإداري والرياضي كذلك. بحيث يتم العمل من خلالهم على إعادة هيكلة إدارة النادي بشكل يُطبق به العمل المؤسساتي ويتم من خلاله تقسيم الإدارات والأقسام وتوزيع المهام بشكل واضح وتحديد الأهداف المطلوبة بدقة من كل قسم، وتفعيل الجوانب الاستثمارية في النادي لتعزيز مصادر الدخل عبر طرح المنتجات التي تستهدف وتناسب حاجات الجماهير. ومن الخطوات الضرورية التي لا بد من البدء بها هي إعادة جدولة الديون المستحقة وعمل خطة لتسديدها، فها نحن في نهاية المهلة التي حُددت من قبل الرئاسة لتسديد جميع ديون النادي خصوصاً وأن النادي له مبالغ كبيرة لدى جهات عدة سيكون من مهام إدارة البلوي تحصيلها بالإضافة إلى الوفاء بوعده بإقفال ملف الديون التي عانى منها النادي خلال السنوات الأخيرة بصورة كبيرة. ولعل ما يتمناه جميع محبي النادي أن يكتب الله لهذه الإدارة النجاح من خلال إتباعها لمنهج العمل الإداري الاحترافي الذي من شأنه أن يعيد النادي المونديالي إلى سابق عهده، فهو ركن أساسي من أركان الرياضة بالمملكة وقد آن الأوان إلى عودته لتحقيق البطولات بعد غياب طويل.