ارتفع استهلاك السعودية من النفط إلى 2.9 مليون برميل يومياً لعام 2011، وهو ما يشكّل ربع الإنتاج بعد أن كان استهلاك السعودية عام 2000 نحو 1.6 مليون برميل يومياً، ومع ارتفاع معدلات الاستهلاك الداخلي سيصبح لدى السعودية كميات أقل للتصدير من البترول الذي لا يزال يعتمد عليه الاقتصاد الوطني وهو ثروة ناضبة. فأرامكو تقوم اليوم بالتركيز على تطوير الغاز الطبيعي لإحلاله محل النفط في توليد الكهرباء وتبحث كذلك أرامكو عن فرص الاستثمار في الموارد غير التقليدية، وتريد أرامكو أن يتحول الاقتصاد السعودي من اقتصاد قائم على النفط باقتصاد قائم على الغاز الطبيعي، وتمتلك السعودية احتياطيات من الغاز 288 تريليون قدم مكعبة وهو ما يجعلها تحتل المرتبة الرابعة في العالم بعد روسيا وإيران وقطر، وقد زادت السعودية من إنتاج الغاز من 8.9 مليار قدم مكعبة في اليوم عام 2011 إلى 9.9 مليار قدم مكعبة في اليوم عام 2012. ومن أجل هذا التوجه أنشأت أرامكو 11 مركزاً دولياً للأبحاث والتطوير منذ عام 2010 ودخلت في شراكات بحثية في كوريا الجنوبية وفرنسا للحصول على تكنولوجيا تمكنها من تسارع نشاط أعمالها في المناطق المغمورة ومناطق الغاز الصخري. وهناك توجه لنقل شركة أرامكو من شركة تقليدية مستهلكة للتكنولوجيا إلى شركة ابتكارات على المستوى العالمي خصوصاً أن شركة أرامكو تفرض عليها التحديات على الأرض وفي المناطق المغمورة التوصل إلى تقنيات غير تقليدية. وقد تنبهت القيادة السياسية بأن تدعم مشاريع الطاقة البديلة وحدد عام 2025 موعداً لإنجاز كثير من المشاريع التي من شأنها تقليل الاعتماد على النفط ووضعه ضمن مصادر الطاقة وليس المصدر الوحيد كما هو الحال حالياً. وشرعت الدولة في تأسيس مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة في 2010 على تغيير جذري في إستراتيجية الطاقة في السعودية للحد من الاعتماد الكلي والتحول جزئياً إلى مصادر بديلة كالطاقة النووية والشمسية وغيرها بالتعاون مع شركة أرامكو وغيرها من شركات لخلق صناعة جديدة في السعودية باستثمارات تتخطى 400 مليار ريال على مدى العشرين سنة المقبلة، مما سيؤدي إلى تغيير إستراتيجية السعودية نحو إعادة هيكلة قطاع الطاقة فيها حتى لا تصل السعودية إلى استهلاك قرابة خمسة ملايين في غضون ثلاث سنوات فقط بحسب النمو الاستهلاكي ويحد من قدراتها التصديرية للمورد الذي يمثّل 93 في المائة من إيرادات خزينة الدولة. وشهدت تكاليف تطبيق أنظمة الطاقة الشمسية انخفاضاً بنسبة 50 في المائة منذ عام 2008 ليصبح قطاع توليد الطاقة الشمسية الأكثر منافسة من أنواع الوقود الأحفوري، فضلاً عن قدرته على تقديم حلول توليد الطاقة الأكثر استدامة ويساهم ذلك في إنتاج الكهرباء وتحلية المياه. فقضية أمن الطاقة هي قضية سعودية كما هي قضية أمريكية وكل رئيس أمريكي منذ نيكسون تحدث عن إدمان أمريكا على النفط الأجنبي لكن دون جدوى حتى الآن إلى أن توصلت تقنيات التكسير الهيدروليكي والحفر الأفقي التي زادت من إنتاج النفط الأمريكي 50 في المائة منذ عام 2008. فنحن نعيش في عالم متقلب ولا يستطيع أحد أن يتنبأ بما يحدث في المستقبل خصوصاً مع تسارع الأحداث بخصوص الغاز الصخري وطفرة إنتاج الغاز الطبيعي في أمريكا وفي أنحاء متفرقة من العالم. ويجب التنبه إلى أن ربحية صناعة البتروكيماويات تزيد كلما تم الاستغناء عن استخدام النفط ومشتقاته فيها، والصناعات البتروكيماوية في الولاياتالمتحدة بسبب استغنائها عن لقيم النافثا بسبب اعتماد تلك الصناعة على وفرة الغاز الصخري وكذلك الغاز الطبيعي من تلك الصخور يتوقع بأن ترتفع أرباح تلك الصناعة إلى 60 مليار دولار سنوياً بحلول عام 2020، فترشيد الاستهلاك ومراجعة الأسعار في السعودية أصبح مُلحاً.