الرثاء على حال الوطن العربي، فيما آلت إليه أحواله في السنوات الأخيرة شيء مؤلم..وكيف وصلت به الحال لهذا الوضع المزري في تفكك بعض دوله حينما عمت الفوضى العارمة مدنه بتداعيات دراماتيكية متلاحقة، وكأنها أعدت سلفا، لحد إحراق مدنه، ومن ثم تطور الأمر إلى الاقتتال بين أبناء الوطن الواحد بعرض الشارع وعلى مشهد من العالم بأسره،.. صحيح هناك شعوب عربية محتقنة نتيجة معاناة مكبوتة في الصدور مما أدى لانفجار هذه الشعوب من ظلم أحاق بها وتعسف وقهر ومعتقلات، غيبت الملايين من أبناء هذه الشعوب المضطهدة والمغيبة عن المشاركة في الرأي والحكم والحرية وكفل سبل العيش الكريم. كل ذلك برعونة من تولوا زعامات هذه البلدان العربية تحت حكم العسكرية الدكتاتورية التي اختطفت بلدانها وجيرتها باسم الحزب الواحد والزعيم الأوحد والعائلة الواحدة. واحتكرت خيراتها وتأميم علومها وثقافتها وممتلكاتها، وبقيت شعوبها مهمشة تعاني من حياة البؤس والفقر والحرمان من أبسط مباهج الحياة .. ناهيك عن حريته وكرامته المسلوبة كرها تحت مدافع قصف النفوس الأبية التي تحاول الخروج عن طوعها.. فمن هذا المنطلق كانت التعبئة عامة بالخروج على هذه الدكتاتوريات العسكرية والإطاحة بها..ولكن تعالوا.. لقراءة الحدث.. أليس كلمة « الفوضى الخلاقة» التي أطلقتها وزير الخارجية الأمريكية - كنداليزا رايس - هي التي أوقدت مواقد السعير. وسرت النار سريانها بالهشيم. نعم ليس هناك دخان بغير نار.. كانت أمريكا والغرب دائبة السعي لخراب الوطن العربي. بمعنى آخر إعادة الاستعمار إليه مجدداً، وتقطيع أوصاله والمحاصصة عليه. وفق خرائط معدة سلفا. ليضيع مفهوم الوطن العربي. بتجزئته لدويلات صغيرة وضعيفة ..وهذا واقع الحالة المريرة التي يعيشها الوطن العربي.. الحكاية بدأت بإضعاف الجيوش العربية بعدم تسليحها ومن ثم تحطيمها، فكانت البداية تحطيم قوة الجيش العراقي وكان لهم ما أرادوا. ومن ثم السعي لتحطيم الجيش المصري إلا أن مصر ممثلة بجيشها أدركت أبعاد الأهداف الأمريكية الغربية الشيطانية في تأييدها لتسلم الإخوان بمصر مقاليد الحكم .. أتى ذلك لأمرين لا يخفيان على أي مراقب للحدث المصري بعد الإطاحة بمبارك وصعود الإخوان للواجهة. الحالة الأولى التأييد الأمريكي للإخوان ليس حبا لهم وإنما هو السعي للوصول للإطاحة بالجيش بقوته وبزعمائه، وهذا ما حصل وعمل عليه الرئيس الإخواني المعزول وزمرته. والحالة الثانية هي. تجزئة مصر لدويلات ضعيفة والحصول على جزء كبير من سيناء يقتطع لصالح فلسطين ولتكون سيناء مقرا للشتات الفلسطيني، كل ذلك لأجل راحة وأمن إسرائيل القومي.. فكانت الخطط الأمريكية الإخوانية تجري بشكل مطرد وسري، والتي لو نجحت لكانت كارثة على مصر الدولة والشعب. والذي تمكن حزب الحرية والعدالة الإخواني، وهو الاسم الذي على غير مسمى صحيح، لو تمكن لأربع سنوات أخرى من أول حكم له على مصر لضاعت مصر. لولا وعي ورشد المؤسسة العسكرية المصرية بقيادة الفريق عبدالفتاح السيسي ورفاقه الذين دخلوا التاريخ حينما قاموا بإنقاذ بلدهم من براثن العدوان على مصر من الداخل والخارج تحت طلب وضغط الشعب المصري الذي خرج بالملايين مطالبين ومفوضين الجيش بإزاحة الحكومة الإخوانية التي تحكمت بمفاصل الدولة بعدما وضعت كل محازيبها في كافة مرافق الدولة لضمان الولاء وديمومتها..والتحكم كلية بمصر العربية الشقيقة..ولعل ما ظهر من مخططات لبيع سيناء وقد أميط اللثام عنها أخيرا للرأي المصري والعام.، لما عرف ما يحاك بالخفاء لمصر. وهل بيع سيناء مصر بأمر غريب. طبعاً لا، أليس حافظ الأسد من باع القنيطرة لإسرائيل وكان الحامي لحماها طيلة أربعين عاماً من حكمه الدكتاتوري الذي لا يزال الشعب السوري يعاني من حربه الدامية التي يشنها عليه الدكتاتور الصغير الأسدي بشار وأخوه ماهر وزمرتهم الأسدية والحزبية. وهم يبيدون البشر والشجر والحجر ليلا نهارا في سبيل بقاء حكمهم ولو على سبيل جماجم البشر والأرض المحروقة. نخرج من كل هذا ونذكر بأن أوار النار لازالت مشتعلة بموقد الوطن العربي محرقة للأخضر واليابس .العراقسوريالبنان اليمن. الجزائرتونس.. كل هذه الفوضى هي صناعة أمريكية غربية، ولا ننسى أن لإيران الفارسية دورا مهما في تمزيق الوطن العربي، وكل ما تفعله بالعراق مرورا بلبنان ومن ثم سوريا واليمن، هو لإبادة السنة انتصارا لمذهبها الشيعي. وهذا ما أطال أمد الحرب في سوريا، الممولة من الخزانة الفارسية التي أفرغتها في سبيل بقائها بسوريا العربية. حتى إن الفقر لحق بالشعب الإيراني نتيجة تبديد أمواله في حروب إيرانية مفتعلة تحت حكم الملالية الباحثة عن السيطرة على الوطن العربي من الخليج للمحيط. إلا أن بعضا من العرب المخلصين لأوطانهم، لن يقبلوا البتة أن تكون إيران شرطي المنطقة بغية التحكم بهم. الكل يرفض المساس بوحدة أراضيه وأمنه القومي، مهما كان التشجيع الأمريكي والغربي لإيران مقابل صفقات سرية تجري في الخفاء.. وما دخول الروس على الخط مجددا للشرق الأوسط بسبب المشكلة السورية العويصة إلا فرصة أتت للروس في اقتسام الكعكة. وإضعاف النفوذ الأمريكي بالمنطقة وتخليها عن المشكلة السورية.. ولكن لا أظن أن الأمريكان أغبياء لهذه الدرجة ولكنها سياسة المصالح المشتركة... والمتضرر الأكبر الوطن العربي الذي تحيق به الكوارث من كل ناحية!!