منذ الأزل ومقاييس الجمال ثابتة في الشعر (الفصيح وصنوه الشعبي)، مع الفصل تماماً بين الحب والجمال بلغة (الأسباب والنتائج)، وقبل أيام دار حديث بوجود مجموعة من الشعراء المتميزين أجمعوا على أن الذوق الخاص في الجاذبية وما يروق لكل صاحب ذائقة تخصه لا يستطيع فرضها كحالة خاصة على الوصف في القصيدة؛ لأن مقاييس الجمال ثابتة قبل موضة (مشية المانيكان)، أو الرجيم (اللي يوحي بالمجاعة والشحوب) يقول الشاعر الأعشى: غرّاءُ فَرْعاءُ مصْقولٌ عَوارِضُها تَمشي الهُوَيْنا كما يَمْشِي الوجَى الوَحِلُ كأنَّ مِشْيتها مِنْ بَيْتِ جارتِها مَرُّ السَّحابَةِ لا رَيْثٌ ولا عَجَلُ غراء: مشرقة بيضاء. فرعاء: طويلة الفرع، أي: الشَّعر. العوارض: الأسنان التي تلي الثنايا. الوجي: الحافي. الوحِل: الذي يمشي في الوحل، يريد القول أنها تمشي متمهلة، كما يمشي الحافي في الوحل. الريث: الإبطاء. ويقول الشاعر كعب بن زهير: وما سُعادُ غَداةَ البين إذْ رحَلوا إلاّ أغَنُّ غَضيضُ الطَّرفِ مكْحولُ هيْفاءُ مُقْبِلَةً، عَجْزَاءُ مُدْبِرَةً لا يُشْتكى قِصَرٌ منْها ولا طولُ أغَنّ: من كان في صوته غنّة، وهي نغمة في الصوت تخرج من أقصى سقف الفم. غضيض الطرف: مكسور الأجفان. وبعد هذا الشعر بأكثر من (ألف سنة) تمتد مقاييس الجمال نفسها للشعر الشعبي بعيداً مع التقدير للمتشدقين (بتايب وستايل وربعهم). يقول شاعر سدير الكبير ابن جعيثن - رحمه الله: والساق دملوجٍ سقنّه مدوده في منبته ما هزّعه كل هَبّاب وعنقه وعرنينه وخدّه وسوده خرسٍ بلا كحلٍ مظاليل واهداب إلى أن قال: لا قصر لا طولٍ (بمشيه ركوده) لا دِق لا عبجٍ مثانيه ورغاب ويقول الشاعر ابن شريم - رحمه الله: أدعج غنج كنّه عيون الربيبه شيهانةٍ تفرس بكل المخاليب العين خرسا من طربها غضيبه فيها لطرَّاد المودّه مغاليب والراس ذيل اللي يشعشع سبيبه يسبق إلى جن السبايا جناديب وعودٍ كما البردي ليانٍ رطيبه يومي به النسناس بين النبانيب إلى أن قال: ريحه كما ريح النفل في شعيبه في مربعٍ علّه من الوسم تشعيب ممطورٍ أمس ودارسٍ ما وطي به واليوم شمس وفاح طيبٍ على طيب وقفة للشاعر دبيان بن عساف - رحمه الله: شبه خِلِّي تقود الصيد لا صار ذاير عين شيهانةٍ خرسا ليالي هددها دانةٍ ما احرزوها مالكين التجاير عايزة جنس عدمٍ وصفها في بلدها