التعامل مع ملف التعليم يحتاج إلى تفكير من نوع مغاير، يعيد قراءة المشكلة بأبعادها المختلفة، بعيداً عن أي تفكير عقيم، أو لغة جامدة، أو قرارات عاجلة غير مدروسة، أو حلاف مهين، أو مشاء بنميم، أو مناع للتقدم والتطور، أو الذي يريد الدخول من الشباك بعد أن ترك أوسع الأبواب، وبعيداً عن الحابل الذي يختلط بالنابل. إن التعليم يمثل لنا أهمية حيوية، ولأنك يا - خالد الفيصل بن عبدالعزيز - تجلس الآن على دفة قيادة التعليم، وتمسك زمامه، وتدير شأنه المزمن، وتتعامل مع ملفاته العتقية الكبار، أوديته وشعابه، تلاله وجباله، سهوله ومنعطفاته، وجدت أن الخوض في هذا الموضوع سيكون أكثر عمقاً ومسؤولية. إنني أتحدث معك بعد أن حقق التعليم لدينا فشلاً نسبياً في الوصول إلى مصاف التعليم العالمي المتقدم، الذي نطمح أن يكون عليه. لقد أصبحت الآن قمة هرم التعليم وسنامه، خيطه وإبرته، وتده وعموده، بستانه وحديقته، بوصلته واتجاهه، خيمته الكبيرة، وجلبابه الضافي. أعلم أنك تدرك جيداً مستوى التعليم لدينا، وتعرف من مر عليه خلال السنوات الطوال الماضية، ومن الذي أرخى له الحلم، ومن الذي أعتمه، هذا أمر لا يختلف عليه اثنان، ولا يحتاج إلى برهان، أو نقاش. وفي هذا الشأن أستطيع أن أقول إن ملاحم التغيير العاجل هو الفعل التاريخي الذي سيفعله المسئول الهيبة أمثالكم. إن الذي شق جبال الجنوب، ووضع الأنفاق والدروب، وجعل من القرى المتناثرة هناك لآلئ بهية ومدناً تسلب العقول والقلوب، يستطيع بسهولة أن يجعل من التعليم لدينا شعلة ومنارة، بكل شفافية ومهارة، أن الأنظار كلها تتجه إليك، لمعرفة المحطة التي سترسو عليها، وأنت المليء بالعطاء والمواقف الشجاعة والشخصية الهيبة والإداري الكبير، وواحد من المفكرين الذين ظهروا في القرن العشرين، ولك مساهمات عدة، ومبدع ومفكر، ولك نفوذ وتأثير، على الصعيدين المحلي والإقليمي، وأنت الشخصية التي تستطيع أن تحول الراكد إلى فعل وحراك، لقد تميزت بالمبدئية والفعل والحسم، ولا تقر المجاملات ولا المهادنات في العمل، وأن كل القرارات التي تتخذها يتم العمل بها وتنفيذها على أرض الواقع، وتملك قدرة التنبؤات والتحذيرات، وأنت المدرك بشكل مبدئي وعملي قوة التعليم وتأثيره، وأنت المتميز بالمواقف العلنية والصارمة، وهذه المواقف الصريحة قد أكسبتك الود والاحترام، وأنت الذي لا تعرف الكلل والملل، والحازم والمدرك لكل أبعاد مشكلة التربية والتعليم، أطيافه، مخاطرة، ومشكلاته، والقوى المثبطة التي تقف وراء هذه المخاطر والمشكلات. أعرف تماماً بأنك تستطيع الفوز، على أطياف القوى العديدة كلها، وستلحق الهزيمة بهم، وستستطيع إعمار التعليم، وتحقق المنجزات الكبرى، وستخلق تعليماً تربوياً عظيماً، يشكل قطباً رئيساً يساعد على تحقيق النماء والازدهار والتوازن في العيش وفي النماء، وستجعل ذلك معاشاً على أرض الواقع خلال فترة قصيرة، لأن الذي مثلك قد أوكل مهام رئيسة عدة ونجح، سينجح هذه المرة وبتميز تام، لأن الصفات القيادية والقوة والثبات التي تملكها تؤهلك وتمكنك من تحقيق النتائج المذهلة، وستعزز دورك في التغير والتنظيم وإعادة الهيكلة، ولأنك ستحول النظريات إلى واقع عملي وملموس، بعيداً عن المحاباة والمجاملة والتيارات التحريفية والانتهازية والوصولية، وستعمل على تنظيف الوزارة من هذه العناصر وغيرها والتي يجب أن يكون مكانها خارج وزارة التربية والتعليم، وكما كنت مناضلاً ثابتاً ومحارباً ضد كل ما هو عبثي واستغلالي وظلامي وقهري، فلا بد من أن تنقذ وزارة التربية والتعليم من جوقة هؤلاء أو من شابههم في الفكر وفي الطريقة والمبدأ والهدف. إن ظروف التعليم الحالية معقدة تتطلب شدة ومبدأً قوياً في الموقف لتفكيك خلايا هؤلاء، لتحرير التعليم وترسيخ مبادئه التطورية العظيمة، ويقيني التام بأنك يا - خالد الفيصل بن عبد العزيز - ستفعل ذلك بوتيرة عالية وبصورة عاجلة لا تقبل التباطؤ ولا التلكؤ ولا التأخير.