بعد إجراء الفحص الدوري المعتاد الذي أخضع له كل ستة شهور في مستشفى الملك خالد التخصصي للعيون بالرياض جراء إصابتي بالمياه الزرقاء «الجلوكوما» والذي يتسبب في ارتفاع ضغط العين.. طمأنني الطبيب المختص بأن الضغط مستقر، وصرف لي العلاجات اللازمة، لكنه قال لي إن هناك مياه بيضاء في نفس العين المصابة بالجلوكوما، وقد يقرر اختصاصي المياه البيضاء إجراء عملية لسحبها. بالفعل، أكد الطبيب على ضرورة إجراء العملية وحدد لي موعدا لدخول المستشفي لاستكمال الفحوصات اللازمة قبل العملية بيوم وخرجت بعدها بيوم، بمعنى أن المسألة لم تستغرق أكثر من ثلاثة أيام، حللت فيها ضيفا على المستشفى، ويا لها من ضيافة!! كان كل شيء داخل الغرفة التي شاركني فيها مريضان سعودبان يوحي بأن ليس هناك ما يستدعي القلق الذي دائما ما يصاحب المريض وهو يتهيأ لإجراء عملية جراحية، ابتداء من أسلوب التعامل الراقي مع المريض وتبديد وحشته وجعله يشعر وكأنه بين أهله وأسرته، وليس انتهاء بالمستوى العالي للنظافة والدقة في مواعيد تناول الوجبات بما تحتويه من قيمة غذائية للمريض ومرافقه والاستجابة لكل طلباته، وهو ما يجعلك تشعر وكأنك في فندق من فئة الخمسة نجوم.. أو في إحدى المستشفيات الأمريكية أو الأوروبية الراقية، ولا أظنني مبالغ في ذلك. فالمستشفى بالإضافة إلى هذه المميزات العالية المستوى، يضم نخبة من الأطباء وإختصاصي العيون ذوي الكفاءات النادرة عربا وأجانب وسعوديين، ولكم شعرت بالفخر والاعتزاز عندما علمت أن من سيجري لي العملية طبيب يمني متخصص هو الدكتور عبد الله أبو بكر الذي تلقى دراسته الجامعية في قاهرة المعز وواصل دراساته العليا في الرياض ليغدوا واحدا من أطباء العيون الماهرين والبارزين في المستشفى. سألت نفسي وأنا أغادر المستشفى «يا ترى كم كنت سأدفع لو كانت العملية على نفقتي الخاصة في هذا المستشفى الذي يصنف بأنه رابع مستشفى للعيون في العالم»؟ لم أعرف الإجابة حتى الآن، وفي كل الأحوال ما كنت أعتقد بأنني سأكون قادرا على ذلك، فوجدتني أترحم على صاحب الفضل الذي تحمل عناء هذا العبء المغفور له بإذن الله تعالى الملك خالد بن عبدالعزيز بن عبدالعزيز الذي تبنى إنشاء هذا المستشفى ثم للأمير سلطان بن عبدالعزيز - رحمه الله -، ذلك الرجل الإنسان الذي ستظل سيرته العطرة تسكن وجدان أبناء شعب المملكة الأشقاء وأبناء الأمة العربية والإسلامية كافة، وفاء وعرفانا لما قدمته أياديه البيضاء لهم من خدمات جليلة بتحمله نفقات علاج الكثيرين من المرضى في اليمن والسودان وسوريا ومصر والأردن والمغرب وتونس وبنغلاديش وأندونيسيا وأنا من بينهم. فسلام عليك يا سلطان في الأولين والآخرين، سلام عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعث حيا، وأسأل الله أن يسكنك الجنة مع الصديقين والشهداء، وحسن أولئك رفيقا، وأن يمنحك من الأجر أضعاف أضعاف ما بذلت وأعطيت في دنياك للفقراء والمحتاجين والمرضى ف»الحسنة بعشرة أمثالها والله يضاعف لمن يشاء»، وكما في الحديث الشريف «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية أوعلم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له»، وأحسب أن الأمير سلطان - رحمه الله - قد جمع الأعمال الثلاثة، والله أعلم. وقبل أن أختم هذه التناولة، أرى أنه واجبا علي أن أتقدم بكامل الشكر والتقدير إلى المدير العام التنفيذي للمستشفى الدكتور عبد الإله بن عباد الطويرقي، وإلى كل طاقم المستشفى من أطباء وممرضين وإداريين وعمال لما يقومون به من عمل نبيل وما يقدمونه من خدمات جليلة لذلك الكم الكبير من المرضى الذين كنت أشاهدهم يوميا، وأخص بالشكر منهم من سهروا على تطبيبي ورعايتي وأشعروني وكأني في داري وبين أهلي.