وصلتني رسالتك في ليلة سوداء، وكأنها خبر نعي، أتاني من جوف قبر، أخذت بكلامك، وأصابني منه ما يشبه لسع الجمر، أخذت أغلي كغليان الماء في القدر، ليتحول هذا الغليان بعد لحظات إلى هدوء وبحلقة في اللا شيء، وصمت لا أدري ماذا أفعل أصرخ؟ أستغيث؟ أم ألقي بنفسي من النافذة؟؟ أحسست برعشة شديدة وأنفاس تضطرم في صدري، تريد تمزيقه والخروج منه صارخة مولولة، أهذا حظي منك؟ أهذا جزائي؟ (جزاء سنمار) يا لشقائي وتعاستي، لف بي المكان وشعرت بدوار، أفتح عيني وأغمضها بحركات سريعة متعاقبة، هل أنا في حلم أم يقظة؟! ثم اعترتني رغبة شديدة في التقيؤ وإخراج أحشائي دفعة واحدة. ماذا يحدث؟ فمن غير المعقول أن تتحول كلمات الشوق والحنين والرغبة الجامحة في الحبيب إلى تهديد ووعيد؟!! أتريد سجني وتأديبي؟ أتريد تطليقي؟ - يا الله وفغرت فاهاً متجمداً من هول الصدمة، أتراه مازحاً؟ أم ساخراً؟ أم مجرعاً روحي زعافها؟؟ أهذا نصيبي منك بعد الوئام، والعشرة الهنيئة، والوصال، والحب الجارف الذي أفقدني كل اتزان؟؟ أهذا أنت؟؟؟ كم كنت واهمة فيك، محسنة الظن بك! كنت أراك فارساً تسامق حتى وصل بنجمه أعالي السحاب ونبيلاً نموذجياً اعتلى صهوة الأيام، ورمزاً أبياً مشرفاً للأجيال (حسن في كل عين من تود). أخذت أعيد النظر ثانية وثالثة في رسالتك الوحيدة بعد ثلاث سنوات صمت (صمت دهراً ونطق كفراً) قد أكون واهمة أو مخطئة وقرأت المتمرد بين الضلوع آآآه منك يا زوج روحي، وتوأم نفسي، أي دافع أحمق يدعوني أن أكتب إليك الآن؟؟ أهو الحنين والشوق؟ أم الرغبة في العودة إلى الفردوس المفقود؟ حبيب عمري: أريد أن أسمعك كل الأنين المخبوء في روحي أنا.. أنا من ألهبها هجير بعدك، وأحرقها نأيك وصدك، أنا الضعيفة بدونك، كنت أستمد قوتي من وجودك، فلما تخليت عني تهاويت ماذا أفعل؟ روحي مسكونة بحبك، أحس بغيابك أني شيء ناقص لا قيمة له، كم عللت نفسي باقتلاع مشاعري تجاهك واستمرار قسوتي مع قلبي العنيد حتى ينساك لكن؛ هيهات.. هيهات فأنت فيصل الحياة والممات.