يسعى ما يسمى أمير المؤمنين قائد الدولة الإسلامية في العراق والشام الملقبة ب «داعش» إلى أن يكون الخليفة القادم المنتظر! ومن أجل تحقيق هذه الغاية البعيدة المستحيلة؛ اشتغل في العراق قتلاً وسحلاً ليثخن كل من خالفه من أتباع الطاغوت المالكي أو حتى ممن اختلفوا معه من التيارات القتالية الإسلامية السنية! وحين اشتعلت الثورة في الشام انتقل بقضه وقضيضه إلى سوريا؛ تاركاً خلفه في العراق من يواصل مهمته التي انسحب منها إلى الشام؛ آملاً في نصر قريب جداً، ولتحقيق غايته ذات السقف العالي لم يبدأ بالنظام الدموي السوري ومن شايعه؛ بل بدأ بمن ينافسه على قيادة الثورة على الأرض في مدن الشمال والشرق من سوريا؛ فاشتغل يصفي من لم يبسط يده له بالبيعة من جبهة النصرة وزعيمها أبي محمد الجولاني إلى الجبهة الإسلامية إلى الجيش الحر الذي لا يتورع من اتهامه بأنهم علمانيون كفرة؛ فاستحل دماءهم ودماء كل من لم يعلن ولاءه له وأثخن في أعدائه بالقتل والاستئصال؛ فلم يبق فصيل من فصائل الثورة السورية إلا وأصابه منه أذى بالغ، وراح بسبب طغيانه وتطرفه وطموحه الشخصي إلى الزعامة خلق كثير ممن نذروا أنفسهم لمواجهة طغيان بشار وعصابته ومن يؤازره من الحلفاء والأنصار كحزب الله وحزب الدعوة والحرس الثوري الإيراني وغيرهم من الجنود المرتزقة الذين يستأجرهم النظام من الدول الحليفة معه؛ كالكوريين الشماليين والصينيين وغيرهم! وتثور تساؤلات عاصفة الآن عن حقيقة «داعش» ما هي وما اتجاهها وهل هي عميلة للنظام السوري أم مجاهدة كما تدعي؟! والجواب أن هذه الطائفة جماعة تكفيرية عراقية الأصل أنبتها الاحتلال الأمريكي ثم ما أورثه من تسليم العراق إلى العصابة المنتمية إلى الفرس، أو التي تحكم العراق إنابة عن إيران، ثم تخطفت هذه الجماعة زعامات متعددة إلى أن وصلت إلى من أسمى نفسه «أمير المؤمنين» أبا بكر البغدادي، وقيل آنذاك قبل اشتعال الثورة في سوريا إن النظام السوري كان يدعمها بتمرير المقاتلين القادمين من الدول العربية وغيرها إليها، ويغض النظر عن المساعدات التي تصل إليها؛ ربما رغبة في استمرار اضطراب الأوضاع في العراق وعدم هدوئها؛ لئلا تنتقل منه إلى سوريا، أو لأسباب أخرى؛ ثم حين اشتعلت ثورة السوريين أدخل النظام مندسين بين صفوف «داعش» وعمل هؤلاء المندسون على مزيد من السعي إلى تشويه الثورة بكل الصور بتطبيق الأحكام القاسية على من يخالف تعليمات «داعش» بالقتل وهو العقوبة الوحيدة التي تنطبق على كل التهم! وبتصفية التنظيمات القتالية الأخرى؛ لكي تخلو الساحة لهذه الجماعة، ثم حينما لا يبقى في الميدان إلا «داعش» ينقض النظام عليها! وهكذا تجنبت هذه الجماعة القائمة على عقيدة التكفير مواجهة النظام وابتعدت عن ضرب القرى والمدن الشيعية ووجهت نيرانها إلى كل الفصائل المقاتلة؛ وكأنها تقوم بذلك إنابة عن النظام بغباء مستحكم أو بقصد مبيت مدبر! ولتحقيق هذه الأهداف دعم النظام الدموي بقاء هذه الجماعة حية بطرق خفية؛ كتجنب قصفها؛ فتمر الطائرات الحاملة للبراميل على مواقعها وتتعداها لتقصف مواقع الفصائل الأخرى؛ كالجيش الحر والجبهة الإسلامية وغيرهما! وقد أدرك قياديون جهاديون لا يختلفون كثيراً مع فكر «داعش» التكفيري تسيد «الأنا» على شخصية أبي بكر البغدادي وطموحه إلى أن يكون الخليفة المنتظر؛ فبعث أبو قتادة الفلسطيني من سجنه في عمان بعد ترحيله من لندن رسالة ناصح إلى «داعش» ومن لف لفها؛ يحذرهم فيها من طموح أمير المؤمنين قائلاً «من نافلة القول تذكير إخواني أن الإمرة اليوم هي إمرة جهاد. والطوائف إلى الآن طوائف جهاد، فليس هناك أمير ممكن أن يعامل معاملة الخليفة وما أشبهه من الأسماء والألقاب، ومن لم يبصر هذا كان فساده أشد»! يتبع...