الكثير من الدول تعاني من الفساد الإداري الذي أصبح ظاهرة متفشية في جميع المصالح والمؤسسات الحكومية، وقد ترتب على ذلك رداءه وبط في تنفيذ المشاريع الحكومية، ولم يتوقف الفساد عند هذا فقد شمل الإدارات الحكومية التي لها علاقة بالجمهور والمملكة العربية السعودية كغيرها من الدول لم تسلم من الفساد الإداري، مما جعل خادم الحرمين الشريفين يبادر إلى إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مرتبطة به مباشرة والتي تؤكد نهج هذه الدولة القائم على تحكيم الشريعة الإسلامية وتفعيلها قولاً وعملاً (فكلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته)، استشعره خادم الحرمين الشريفين عندما فكر في إنشاء هذا الجهاز الذي سوف يوفر الكثير من الأموال التي ترصد في ميزانية الدولة إلى تطور المملكة وتحقيق العيش الرغيد لأبناء هذا الوطن، وهذا ما نأمله من هيئة الفساد التي بلا شك أنها انطلقت من خلال استراتيجية مبنية على منهجية علمية يتم تنفيذها من خلال كفاءات متخصصة، بالإضافة إلى استقطابها إلى بعض الكفاءات الأخرى التي سبق أن عملت في الدولة في فترات سابقة والذين لديهم الكثير عن الأساليب التي يلتجي إليها بعض الموظفين الذين يمتهنون الفساد الإداري أداءً ورشوة ومحسوبية، هذا التوجه حسب ما علمت عليه ولازالت تعمل في محيطة هيئة مكافحة الفساد، ولكن جهودها لوحدها لن تستأصل الفساد من جذوره لابد من تعاون كافة القطاعات الحكومية معها والذي يتطلب إعادة النظر في أداء موظفي كل جهاز حكومي وتقييم أدائهم وانضباطهم وبث الوعي الديني وزيادة الدورات التدريبية بين الموظفين، والتركيز على التخصصات التي تتلاءم مع طبيعة هذا الجهاز، وقبل هذا وذاك التدوير الوظيفي الذي يجب أن يكون حاضراً في أروقة الدوائر الحكومية ولاسيما التي لها علاقة بالجمهور مثل مكاتب العمل والمرور والجوازات والزكاة والدخل والسجل التجاري والبلديات، وأن يركز في هذا التدوير أن يكون الموظف المناط به هذه الوظيفة راتبه جيداً حتى لا يقع في إغراءات من قبل المراجعين والمعقبين الذين يوجد عند البعض منهم الحرص على ممارستها متى ما أتيحت لهم الفرصة، وهذا ما نسمع عنه ويتم تداوله في المجالس أن بعض القطاعات الحكومية التي لها علاقة بالجمهور يوجد عند بعض أفرادها ممن يتعاطون الرشوة والإكراميات، لقاء إنجاز بعض المعاملات التي فيها تجاوزات على الأنظمة أو التي تحتاج إلى إنهائها بشكل سريع، فلهذا أتمنى من جميع المصالالحكومية تقبُّل هذه المقالة وما ورد فيها من أراء بصدر رحب، وأن مجتمعنا كغيره من المجتمعات ليس منزّها لأنّ الكمال لله وحده، آخذين بالاعتبار النظرة الثاقبة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في محاربته للفساد من خلال الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. والله من وراء القصد.