صبر الغرب على هتلر طويلاً قبل أن يعي خطره، ونأت أمريكا عن التدخل في فرنسا قبيل الحرب العالمية الثانية، فاستشعر ديغول الخطر وأسس فرقاً وألوية حربية مختلفة بدون خطوط حمر جعلت من صحف أوروبا تتهم بعضها بالإرهابية، لكنه لم يلق لها بالاً.. وقد أصاب فيما فعل، فأحياناً من غير المجدي أن تكون صاحب مبدأ أو «جنتل» مع من لا خلق له ولا احترام! كذلك الحال مع الزمرة الباغية والفئة الضالة من مرتزقة حزب الله العراقي التي تظن بإطلاقها لقذائف هاون عبثية على الحدود السعودية قد تجدي نفعاً في إيصال رسالتها التي تدّعي فيها دعم المملكة لما تسميه هي «جماعات إرهابية»، وتناست أنها هي من تُرك دون رقيبٍ يحاسبها على ما ترتكبه في العراق من حربٍ طائفية، وتنفيذها لأجندة إيران, حتى لو أشعلت العراق على من فيها وتسببت تصرفاتها ببث نار الفرقة والضغينة في الداخل العراقي، وخلق أجواء من العداء مع جيران العراق من دول الخليج العربي، وخصوصاً السعودية والكويت. واثق البطاط إمام حسينية الإمام كاظم في النجف والأمين العام لكتائب حزب الله في العراق وقائد جيش المختار، رجل الدين الذي يتفاخر بتخرجه من الكلية العسكرية في طهران، وهو الحاصل على درجة الحقوق من جامعة الكوفة يطل علينا كل فترة بتصريحات عدائية لم تقتصر على دول الجوار الخليجي، بل هدد في إحدى المرات بإنشاء ميليشيا عسكرية تتبعه في مصر!، يدّعي أن تعداد جيشه قارب المليون عُشرهم من الطائفة السنية, يحاول أن يوجد لنفسه ثقلاً وحضوراً في الشارع السياسي العراقي, قد نال بعضاً منها باعتراف حكومة المالكي بتنظيمه رغم اتهامات سابقة لميليشياته بالإرهاب والاغتيالات وهي التي انشقت عن التنظيم الصدري عقب اختلافه معها وعداء الأخير المعلن وانتقاده لها. مع ذلك لم تتصرف «عدالة حكومة المالكي المغيبة» لتحاسبه كما فعلت مع القيادات السنية التي لفقت لها التهم ومُورس عليها الاغتيال السياسي والجسدي والمعنوي باسم القانون الذي كرّس العزل السياسي وتغاضى عن التدخل الإيراني الطائفي في الشأن العراقي، الذي كُوفئ بتجنيس العديد منهم ومنحهم مناصب سياسية واقتصادية, سيطروا بها على مفاصل الدولة العراقية وتحكموا بسياستها لتتماشى مع مطامع إيران في العراق وأجندتها السياسية والدينية. المطلوب مع من هم على شاكلة حزب الله العراقي أو أي تنظيم طائفي متطرف موقف لن أقول حازماً فقط, بل مفصلياً معه ومع كل ما يحصل من تداعيات الفوضى العراقية، التي أهملناها ما يكفي من الوقت لتكون بؤرةً لكل ما هو عدائي للعرب وطائفي وإقصائي للمذاهب والأديان الأخرى في العراق, وعصا بيد طهران تلوح بها مهددةً دول الخليج المجاورة لها, على غرار حزب الله اللبناني وبعض الأفراد والتنظيمات السرية الشيعية في الخليج العربي. تفعيل قوات درع الجزيرة وإعادة تسليحها وزيادة عدد قواتها وإشراكها في مناورات سنوية متعددة ومجدولة وإعادة انتشارها خليجياً جنباً إلى جنب مع الجيش لكل دولةٍ مطلب إستراتيجي لا غنى عنه, وسيكون فعّالاً لصد التدخلات الإيرانية والطائفية الإرهابية المتطرفة لبعض الفصائل والميليشيات العراقية وإظهار الوجه العبس لها, علّها ترتدع عن تصرفاتها العدوانية, وتحترم حرية الاعتقاد واستقلالية الدول المجاورة, ولا تتدخل في سياساتها وفي تحريض مواطنيها من الأقليات ضد دولهم وحكوماتهم. تتزامن التحركات الدفاعية العسكرية الاستباقية مع حملات دبلوماسية عربية وخليجية عبر جميع المحاور والهيئات الدولية والحلفاء والأصدقاء والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي, لتوحيد مواقفهم الداعمة وتجييرها لتكون سلاح ضغط وردع إلى جانب القوة العسكرية.