إن من أسمى الأهداف لكرة القدم والرياضة بشكل عام هي تعزيز الروح الرياضية ونشر القيم الأخلاقية عبر ترسيخ مفهوم المنافسة الشريفة، ولعل من أهم المعايير التي يقاس بها تقدم النشاط الرياضي هو مدى نشره لثقافة الروح الرياضية بين المجتمع بشكل عام وبين المتابعين للنشاط الرياضي والمنافسات الدورية بشكل خاص. ولعل من أهم ما ينادي به الاتحاد الدولي لكرة القدم ويسعى إلى ترسيخه هو شعار اللعب النظيف (Fair Play)، بل إنه يؤكد أن روح اللعب النظيف هي الأساس لأي منافسة رياضية سواء كانت للمنتخبات أثناء المنافسات الدولية أو الأندية الرياضية في المنافسات المحلية. ويمكننا القول ان كرة القدم متابعة من جميع المراحل العمرية وذات شعبية عالية، فكما أن اللاعب يعتبر ممثلاً للنادي داخل الملعب وبالتالي فإن سلوكه الذي يؤديه داخل الملعب يؤثر بصورة مباشرة على جماهير ناديه والنادي المنافس أيضاً، لذا فإن المشجع الذي يعتبر المكون الرئيسي للجمهور سينعكس تصرف ذلك اللاعب عليه سواء كان اللاعب من فريقه أو من الفريق المنافس، فلكل فريق أو ناد عشاقه وجماهيره الذين لن ترضيهم مثل تلك السلوكيات غير المقبولة!! فالجماهير هي المحرك الحقيقي لكرة القدم وهي كذلك قوة لا يمكن الاستهانة بها فكما أن كثرة عدد الجماهير المتابعين للنادي تعتبر معياراً على نجاح النادي، فهي بالوقت نفسه قد تضره إذا ما قام البعض منهم بسلوكيات غير حميدة أو متعصبة، وقد تتسبب بعقوبات مادية تطال إدارات الأندية بل قد تستخدم كعقوبة ضد الأندية في بعض الحالات بأن يلزم بلعب مباراة مهمة بدون جماهيره وهناك قلة - ولله الحمد - قد تصدر منهم بعض السلوكيات غير الحميدة وليست بأخلاقيات المسلم أو أخلاقيات الروح الرياضية التي نسعى لها على جميع المستويات سواء الرسمية أو غير الرسمية خصوصا مع حث ديننا الحنيف عليها. والمتتبع للأسباب التي قد تدفع الجماهير للقيام بمثل تلك التصرفات غير المقبولة إضافة إلى ما يحدث داخل الملعب يلاحظ أن هناك عدة أسباب قد تهيئ وتنمي ذلك الدافع لديهم، لعل أهمها ما يطرح عبر وسائل الإعلام المرئية من تناول غير هادف من بعض البرامج الحوارية التي تنمي روح التعصب الرياضي وتشجع عليه، عبر تصيد الأخطاء سواء على اللاعبين أو إداريي النادي واستغلال محبة الجمهور لذلك النادي من أجل ترسيخ التعصب الرياضي الذي يقصد به المبالغة والإفراط في حب النادي بصورة تغلب بها العاطفة على العقل!!! وبالتالي يتم استغلال تلك العاطفة في غياب مؤقت للوعي لدي المتعصب ويحدث ما لا تحمد عقباه سواء عن طريق الاعتداء اللفظي أو المعنوي أو حتى الحسي على فريق معين أو لاعب معين، نتيجة لإصابة المشجع المتعصب بحالة من التوتر والقلق النفسي فتجده سريع الغضب وتكاد تنعدم لديه الروح الرياضية وغالبا ما يغفل المصلحة العامة ولا يحسب النتائج التي ستترتب على تصرفاته تلك، فلا بد لنا من مقاومة تلك السلوكيات عن طريق حملات التوعية لتنمي لدى الناس المعنى الحقيقي للتنافس الرياضي الشريف سواء كان ذلك عن طريق اتحاد كرة القدم أو رابطة دوري المحترفين كالندوات أو حملات إعلامية يكون هدفها ترسيخ الأخلاق الحميدة وزيادة الوعي لدى الجمهور عن مخاطرها وما لها من تبعيات لا تحمد عواقبها وأن الرياضة هي وسيلة لتكوين العلاقات الودية بين الرياضيين كلاعبين أو مشجعين!! فقد تحول الموضوع من مجرد أفكار وآراء إلى سلوكيات كالاعتداء على النفس أو الاعتداء اللفظي من قبل المتعصبين، أو التشكيك في نزاهة اللاعبين أو الحكام التي لابد لها من عقوبات قانونية رسمية لمن تثبت عليه من الجماهير، لأن مثل تلك السلوكيات تنذر بتحول خطير من مجرد تشجيع النادي والتعصب من أجله إلى الاعتداء على اللاعبين والتعدي عليهم وما يترتب على ذلك من تبعيات لا تحمد عواقبها. فالرياضة هي وسيلة لإسعاد الناس وتنمية المودة بينهم وليست وسيلة لزرع الأحقاد بينهم هذا من ناحية، وكذلك من ناحية أخرى لكي نحافظ على الصورة الجميلة والمميزة لكرة القدم وبيئة ملاعبنا الرياضية وأن نعكس الصورة المشرقة لأخلاق المسلم التي حثنا عليها ديننا الحنيف وسعى إليها سواء كان لاعباًَ أو مشجعاً متعصباً لناديه.