ما بين قرار لجنة الانضباط باتحاد الكرة برفض احتجاج الاتحاد ضد جماهير الهلال ثم قرارها مرة أخرى بقبوله ومعاقبة الفريق الهلالي مسافة طويلة تزدحم فيها علامات الاستفهام والتعجب وإشارات الاستغراب والدهشة. فكيف ترفض اللجنة الاحتجاج لمسوغات قانونية صرفة أوردتها في حيثيات قرارها، ثم تعود نفس اللجنة لنقض قرارها ذي المسوغات القانونية لتتخذ قرارا آخر مناقضا تماماً..!!؟ هذا التناقض والقفز بين مواد القانون لا يعطي ارتياحاً ولا اطمئناناً لدى الشارع الرياضي تجاه أي قرار مستقبلاً مهما تضمن من مبررات قانونية صريحة لأنه سيبقى عرضة للنسف من الجهة التي أصدرته، وفي أي لحظة وتحت أي ظروف أو ضغط!! وليس ذلك فحسب هو ما يجعل الشارع الرياضي يرتاب من قرارات لجنة الانضباط ولا يثق فيها بل أيضاً المسوغات التي ترتكز عليها وتستدل بها لاتخاذ أي قرار هي أيضاً موضع ريبة وتستفز كل علامات الدهشة والاستغراب والتساؤل.. فكيف تتجاهل لجنة الانضباط والتقارير الرسمية للحكام والمراقبين، والتسجيلات الرسمية المرئية والصوتية وتتجه للأخذ بتسجيل من هاتف جوال شخصي لمشجع في المدرج ظهر بعد أكثر من أسبوع من المباراة قابل لكل عمليات التزييف والدبلجة والمونتاج؟!! ثم تصدر قراراً قاسياً بموجب هذا التسجيل!! إن اللجنة بهذا العمل ترتكب سابقة خطيرة وتفتح على نفسها باباً لا يمكن إغلاقه من سيل الفيديوهات التي ستصلها مستقبلاً منقولة من هواتف جوالة لمشجعين قابلة لكل أنواع التزوير والتزييف والحذف والإضافة صوتاً وصورة!! فهل ستتعامل معها مثلما تعاملت مع مقطع الفيديو الاتحادي المأخوذ من هاتف مشجع؟! كما أن بإمكان ثلاثة أو أربعة مشجعين الاندساس في مدرج أي ناد وبين جماهيره ثم الهتاف بألفاظ عنصرية أو نابية وتسجيل ذلك عبر هاتف الجوال ثم تقديمه كدليل ضد جماهير ذلك النادي!! فهل بمثل هذه الأساليب تتعامل اللجان القانونية وتتخذ قراراتها؟! من المؤكد أن المستفيد من هذا القرار سيهلل له ويصفق، ويعتبره قمة العدالة..!! ولكن المحايد والموضوعي والمنصف فضلاً عن المتضرر سيعتبره متجنيا وفاقدا لأسس وحيثيات العدالة. فكل القوانين الرياضية وغير الرياضية لا تعتد بالتسجيل الشخصي ولا تعتبره دليلاً أو قرينة يمكن الاعتماد عليها أو الأخذ بها. يضاف إلى كل ذلك أن للاحتجاجات مواعيد محددة في اللوائح وأي تجاوز لتلك المواعيد يعتبر إخلالاً بركن أساسي من أركان قانون الاحتجاج!! فكيف يكون إخلال الاتحاد بموعد تقديم الاحتجاج من أحد الأسباب الرئيسية لرفضه في المرة الأولى، ثم يتم التغافل عن هذا الركن الأساسي من أركان قانون العقوبات في المرة الثانية؟! وهذا أيضاً سيفتح باباً عريضاً ومشرعاً أمام لجنة الانضباط لقبول تسجيلات لهتافات عنصرية وبعبارات بذيئة من جماهير تجاه أندية أخرى حدثت في أزمنة سابقة !! فماذا ستفعل اللجنة حيال هذا؟!!، وهي التي أسقطت بند الزمن المحدد لتقديم الاحتجاج من حساباتها. أسئلة كثيرة وكثيرة ستوجه للجنة الانضباط بعد قرارها ضد جماهير الهلال ولن تجد الإجابات عليها إلا بالصمت. أما الشارع الرياضي بعد هذا لا يقول إلا رحم الله العدالة التي تدار بهذه الكيفية.