تبدأ اليوم السبت أولى جلسات الحوار الوطني التي دعا إليها الرباعي الراعي لحوار الرئاسات الثلاث وقيادات الأحزاب الممثلة في المجلس التأسيسي، فيما يبدو أنه مسعى أخير لإيجاد حل توافقي للأزمة التي تمر بها البلاد منذ أكثر من شهرين ونصف الشهر. ويتطلع المهتمون بالشأن السياسي المحلي إلى تغيير جبهة المعارضة موقفها المتمسك بوجوب استقالة حكومة علي العريض قبل الجلوس إلى طاولة الحوار، وفق ما تقتضيه خارطة الطريق المنبثقة من مبادرة اتحاد الشغل التي حظيت بموافقة حكومة الترويكا وأحزاب المعارضة، وباركتها المنظمات الأهلية الأخرى. وفي المقابل، لم تتراجع حركة النهضة عن موافقتها على استقالة حكومة علي العريض، ولكن الإشكال الوحيد يتعلق في موعد الرحيل؛ إذ يرى الحزب الحاكم بقيادييه كافة أن الترويكا ستستقيل يوم استكمال الدستور وتشكيل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، إلا أن المعارضة تصر على استقالة الحكومة، لا لفشلها فحسب كما كانت تطالب منذ أكثر من عام، بل لتورطها وتواطئها في اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وفق تصريح لحمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية. من جهته أكد مصدر من اتحاد الشغل أن الجلسة الأولى من المفروض أن تعلن خلالها النهضة استقالة حكومة علي العريض، ثم يتولى المشاركون مناقشة مقترحات الأحزاب بخصوص تشكيل حكومة كفاءات مستقلة، فيما تتولى الترويكا مهمة تصريف الأعمال تجنباً لأي فراغ على رأس السلطة التنفيذية. ويرى محللون للشأن السياسي المحلي أن انطلاق الجلسة الأولى للحوار، بحضور الأطياف السياسية كافة، سيكون بمنزلة إزالة كبرى العقبات في مسيرة الحوار؛ وبالتالي سيضاعف من حظوظ المشاورات، فيما يعتقد البعض الآخر أن اللقاء المباشر بين الفرقاء سيعجل بإذابة الجليد فيما بينهم، ويقضي على الجدل وتبادل الاتهامات التي تعطل الحوار وتنسفه. ومما لا شك فيه أن الجلسة الأولى للحوار لن تخلو من الجدل والتراشق بالتهم، على اعتبار أنها تنطلق في جو من التوتر والاحتقان الذي بلغ ذروته، خاصة بعد حكاية الوثائق المسربة من وزارة الداخلية التي يؤكد كاشفوها للرأي العام أنها تثبت تورط الداخلية وأنصار الشريعة وأحد القيادات الليبية في اغتيال السياسيين المعارضين كبلعيد والبراهمي. يُذكر أن الجدل الذي أثارته وموجة الاستياء التي خلفتها هذه التصريحات كانت بمنزلة صب الزيت على النار المشتعلة؛ إذ جعلت الرأي العام يشك في نوايا جبهة الدفاع عن الشهيدين لاختيارها هذا الموعد بالذات لاتهام الأطراف الحاكمة بجريمة دولة بكل المقاييس، بما يرجح الكفة لتوجيه تهمة لهذه الجبهة، وأيضاً بالتواطؤ في إرباك مسيرة الحوار الوطني وتعطيل المساعي الرامية إلى حلحلة الأزمة التي تعصف بالبلاد، خاصة على خلفية فشل الحراك الشعبي وتجييش الشارع في إسقاط الحكومة.