كشف نقابات الأمن الداخلي عن وثيقة تدين وزارة الداخلية التونسية وتتهمها بالتراخي في توفير حماية للسياسي محمد البراهمي الذي اغتاله إرهابيون يوم 25 يوليو الماضي، وذلك برغم صدور تحذير استخباراتي أمريكي قبل عملية الاغتيال بحوالي أسبوعين. وأدى كشف الوثيقة السرية من طرف الأمنيين الى حالة من الاحتقان الشعبي. فقد أكد حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية بأنه بات من الواضح تورط الداخلية ومن وراءها الحكومة في اغتيال البراهمي، مشدداً على ضرورة أن ترحل حكومة علي العريض وأن تتم محاسبتها على هذه الجريمة. وكذلك الشأن بالنسبة لحزب نداء تونس الذي أعلن عن استنكاره لإخفاء الوثيقة ودعا الى إجراء تحقيق أمني صلب الداخلية لتحديد المسؤوليات. فيما نفى علي العريض رئيس الحكومة أي صلة له بالموضوع مكذباً ما راج من أخبار حول تعمد الداخلية إخفاء الوثيقة ثم دعوتها الى إتلافها بغاية التضليل. هذا، ودعت أحزاب المعارضة الى كشف الحقيقة من خلال تحقيق قضائي مستقل، إذ نادت بوجوب التعجيل بالكشف عن هذا الخلل الأمني الخطير لتحديد المسؤوليات واتخاذ ما يلزم من الإجراءات، وذلك حفاظاً على مصداقية المؤسسة الأمنية وضرورة تواصل الإصلاح داخلها. هذا وينتظر اليوم أن تكشف وزارة الداخلية خلال لقاء صحفي عن الوثيقة المسربة او نفيها، فقد تكفل الوزير لطفي بن جدو بتأكيد ذلك أول امس بل حتى تكتشف نتائج الأبحاث ولتقدم الحقيقة كاملة لوسائل الإعلام حتى يتمكن الرأي العام من إصدار أحكامه. وكان عدد من النواب المنسحبين من المجلس التأسيسي قد قدموا قضية عدلية اتهموا فيها رئيس الحكومة علي العريض ووزير داخليته لطفي بن جدو بالتواطؤ في مقتل النائب محمد البراهمي وبأمر المصالح المختصة بإتلاف الوثيقة التي تم تسريبها بعد أيام من حادثة الاغتيال خوفاً من كشفها. سياسياً تعددت ردود أفعال الفرقاء السياسيين حول خارطة الطريق الجديدة التي قدمتها المنظمات الأربعة الراعية للحوار، فقد وضحت حركة النهضة موقفها من خارطة الطريق والتي تحفظت على البعض مما جاء في ورقة العمل بينما رحبت أحزاب المعارضة بكل ما تضمنته المبادرة الجديدة لحل الأزمة العالقة. إلا أن اللافت للانتباه أنه بقدر تناسق مواقف أحزاب المعارضة المنصهرة فيما يسمى «بجبهة الإنقاذ» وبالرغم الخلافات الجوهرية فيما بين قياداتها اختلفت الرؤى صلب أحزاب الترويكا الحاكمة وهو ما أكده المحللون السياسين من أن الترويكا تعيش آخر أيامها. فقد رحب حزب المؤتمر أحد أضلاع الترويكا الحاكمة بالإطار العام لمبادرة تسوية الأزمة واعتبرها دعماً للتمشي التوافقي وفشلاً لمحاولات الانقلاب على المسار الديمقراطي وتوتير الوضع الأمني والسياسي الداخلي. ودعا الحزب الى الإسراع بتنفيذ النقطة الأولى من المبادرة القاضية بتنظيم الجلسة الأولى من الحوار الوطني ضمن إطار شفاف وعلني بعيداً عن منطق الصفقات سعياً الى خدمة التوافق الوطني وإنجاح المسار الانتقالي. وهو موقف جديد تعول عليه أحزاب المعارضة ليكون عنصر ضغط صلب الترويكا الحاكمة وتحديداً على حركة النهضة التي تقود الائتلاف الحاكم والتي لا تزال بصدد دراسة المبادرة التي اعتبرتها مشروعاً.