تتواصل المشاورات التي يقودها اتحاد الشغل في تونس بعد رفض أحزاب المعارضة ما قدمته حركة النهضة من تنازلات لحل الأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ شهر كامل منذ اغتيال السياسي المعارض محمد البراهمي الذي سقط برصاص إرهابيين بعد أقل من ستة أشهر من اغتيال السياسي شكري بلعيد. وكانت حركة النهضة بزعامة الشيخ راشد الغنوشي قد أعلنت قبولها مبادرة اتحاد الشغل كمنطلق للحوار الوطني مع تأكيدها على الإبقاء على حكومة علي العريض الى حين التوافق بشان تشكيل حكومة كفاءات غير متحزبة تنظم الانتخابات القادمة. إلا أن أحزاب المعارضة المنضوية تحت راية جبهة الإنقاذ الوطني رفضت مقترح النهضة واشترطت إقالة حكومة الترويكا لبدء الحوار مع الحزب الحاكم. والواضح أن جلسات الحوار الأربع التي جمعت الغنوشي بالأمين العام لإتحاد الشغل الحسين العباسي لم تؤت أكلها بالرغم من حرص الرجلين على تجاوز الخلافات بما يفضي إلى حل توافقي يجنب البلاد المزيد من التدهور الاقتصادي والأمني. هذا وقد أبدى الرجلان تفاؤلا نتيجة مباحثاتهما التي لم تفض إلى نتيجة تذكر فإن المراقبين السياسيين رأوا أن الأزمة السياسية ازدادت تعقيدا بالرغم من إيهام الفرقاء ببداية الانفراج خاصة بعد انطلاق أسبوع الرحيل الذي شرع فيه أنصار جبهة الإنقاذ يتقدمهم الباجي قائد السبسي رئيس حركة نداء تونس وحمة الهمامي ابرز قياديي الجبهة الشعبية إلى جانب عشرات من المنظمات الأهلية. أما أحزاب المعارضة المسنودة بنواب المجلس التاسيسي المنسحبين منه والمعتصمين بساحة مقر المجلس فلم تخف تمسكها بإسقاط الحكومة وحل المجلس وتشكيل حكومة إنقاذ وطني دون أن تكون لديها بدائل ملموسة أو أطروحات أو برامج تعوض ما تطالب بنسفه. ولا يلوح في الأفق أي مؤشر على حدوث معجزة سياسية تضع حدا للأزمة المتفاقمة في تونس خاصة بعد نشر خبراء اقتصاديين لمعطيات مدعمة بالأرقام حول تدهور الاقتصاد وتراجع الاستثمارات الداخلية والخارجية وارتفاع نسب البطالة والأسعار واقتراب البلاد من حالة الإفلاس فيما تصر الحكومة على تسجيل انتعاشة اقتصادية وانفراجا في الميزان التجاري وتطور الأوضاع إيجابيا. وبين هذا وذاك يضيع التونسي الذي فقد الثقة منذ أشهر في النخبة السياسية وهاهو يعلن مقاطعته لرجالات الاقتصاد والمالية ويصفهم بالسفهاء المضللين.