حصل شيء غامض عام 2007م في هذه السنة عثرت هيئة السلامة البحرية الأسترالية على زورق أرابهم أمره، لأنه كان وحيداً ولا يبدو أنّ فيه أحداً، فلما صعدوا عليه وجدوا شيئاً غريباً: المحرّك في وضع التشغيل، وهناك حاسب آلي محمول مفتوح ويعمل، وأجهزة الإرسال وتحديد الموقع سليمة، بل هناك وجبة جاهزة لتؤكَل، ولكن كان الزورق خالياً من الناس تماماً! ميَّز البعض هذا الزورق وأفادوا السُّلطات أنه كان على متنه ثلاثة إخوة، لكن اختفوا بلا أثر. كيف؟ لا أحد يدري. وضَع الناس عدّة فرضيات يُحتمل أنها حصلت، منها الفرضية الرسمية التي تعتقدها السلطات، وهي أنّ الإخوة الثلاثة خرجوا ليصطادوا السمك، وتعلّق حبل الصيد بشيء، فذهب أحدهم ليخلّصه وسقط، وهذا النوع من الزوارق يستحيل أن تصعد عليه مباشرة من الماء، فإذا سقطتَ فسيكون في ذلك حتفك إذا لم تتقن السباحة – ولا أحد من الرجال هؤلاء يعرف السباحة - ، فهبَّ أخوه لينجده، وحاول الثالث إنزال الأشرعة فأتت موجة قوية وهزّت الزورق مما أوقع الأخوين الآخرين في الماء أيضاً، وكان الزورق يمشي بسرعة 30 كم في الساعة، فسقطوا ورأوا زورقهم يُبحِر بسرعة بعيداً عنهم، وأسدلت الحياة ستارها على حياتهم. هذه القصة احتمال ولكن لا يَقطع أحد بشيء، غير أنّ غموض هذه القصة جعل الناس يقارنونها بقصة السفينة الشبح «ماري سيليست»، وهذه هي الحادثة الغامضة فعلاً التي لا تفسير لها رغم مرور عشرات العقود عليها، حتى أنها لا زالت تُصنّف أنها أشدّ الأحداث غموضاً في تاريخ البحر! ماري سيليست اسم سفينة تجارية أمريكية بريطانية، كانت تحمل شحنة كبيرة من الكحول، وكان المفترض أن تصل إلى إيطاليا منطلقة من نيويورك عام 1872م إلاّ أنها لم تظهر في موعدها المتوقع، ووصلت السفن التي انطلقت بعدها إلى إيطاليا، وتساءل الناس عن سبب تأخُّر سفينة ماري سيليست. ثم في يوم من الأيام أبصر بعض البحارة سفينة تتهادى في البحر بلا اتجاه، فاقتربوا منها وراقبوها ساعتين ولاحظوا أنه لا أحد على متنها، فقرروا أن يصعدوا عليها ولما دخلوها وعاينوا ما عليها عرفوا أنها السفينة المفقودة، ولكن رأوا شيئاً بالغ الغرابة: لا يوجد على ظهرها أحد! والأغرب من هذا أنّ بضاعة السفينة كانت موجودة أيضاً. الأوراق اختفت ما عدا سِجلّ الربّان، الساعة لا تعمل والبوصلة مكسورة، أشياء غريبة لا تفسير لها. أول احتمال يبدر للذهن في مثل هذه الحالات هو القرصنة، ولكن احتمال أنّ قراصنة هجموا على هذه السفينة وقتلوا طاقمها احتمال شبه معدوم، لأنّ هناك 1701 برميل من الكحول وهي شحنة السفينة الغالية لم تُؤخذ، وكان هناك من الطعام النظيف والماء العذب ما يكفي طاقم السفينة ستة أشهر، وأمتعة الطاقم وأشياؤهم الشخصية موجودة لم يُمسّ منها شيء. الجو كان صحواً ولم يكن هناك عواصف، والسفينة بحال جيدة ولم تكن شبه غارقة أو معطوبة، وزورق النجاة غير موجود. عجيب! ما سرّها يا ترى؟ لما انتفى احتمال القرصنة، قال البعض إنّ التمرّد هو السبب، وطرحوا احتمال أنّ الربّان أثار البغض في نفوس البحارة بتجبّره فقتلوه وهربوا على متن الزورق، لكن الربّان عُرِف عنه أنه عادل ومتمكن ولم يُؤثَر عنه أي طغيان أو ظلم. وضع البعض فكرة أن يكون بعض البحارة شربوا الكحول وقتلوا الربّان ثم هربوا، غير أنّ الربان كان لا يشرب الخمر ولم يسمح لأيٍّ من بحارته بشربها، فانتفى هذا الاحتمال أيضاً. لا ندري ما حصل، لكن أكثر فرضية قبولاً هي أنّ براميل الكحول أصدرت بعض الأبخرة، ولما احتك الحديد الذي في البراميل ببعضه أثناء حركة السفينة أشعل هذا شرارة وصار انفجار ناري صغير، فلما رأى القبطان هذا ظن أنّ السفينة كلها ستنفجر لأنّ شحنة الكحول ضخمة، فأمر بإنزال قارب النجاة وركب فيه مع طاقمه، غير أنهم غرقوا لاحقاً بسبب عاصفة. هذه احتمالات لكن لا شيء أكيد منها، والله أعلم بما حصل لماري سيليست ومصيرها الغامض. Twitter: @i_alammar