سيستمر الجدل حول مؤتمر الأدباء الرابع الذي انتهت أعماله مساء الخميس الماضي في المدينةالمنورة. وأرى أن هذا الجدل الذي يثور ويتعالى على صفحات الجرائد وفي مجالس الأدباء والمثقفين أمرٌ طبيعي بل وصحي، فمن طبيعة الأمور أن تختلف آراء المثقفين حول جميع القضايا، ومن رَحِم ذلك الاختلاف والتنوع تتوالد الأفكار الجديدة البنَّاءة التي هي حصيلة وزبدة كل هذا الجدل. وكما هي العادة في كل المؤتمرات ينتهي المؤتمِرون إلى إصدار توصيات قد لا تجد كلها طريقها إلى التنفيذ فوراً، لكنها تبقى بذرة كامنة تستكمل دورة نموها ويكون من واجب كل الأطراف ذات العلاقة أن تعمل ما في وسعها لتنفيذ تلك التوصيات. وقد نشرت الصحف توصيات المؤتمر، وأرى أنها جيدة حتى وإنْ كان بعضها قد طُرِح كثيراً من قبل ولم ينل نصيبه من الاهتمام من الجهات الرسمية التي بيدها صلاحية التنفيذ. وإذا ما تحققت هذه التوصيات الآن بعد عقد المؤتمر الرابع فسيكون ذلك من حسنات هذا المؤتمر وسوف يُدَوَّن في سجل إنجازات الدكتور عبدالعزيز خوجه والدكتور عبدالله الجاسر والدكتور ناصر الحجيلان وزملائهم في وزارة الثقافة والإعلام. حرصتُ أن أحضر كل الجلسات ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وقد كانت متفاوتة في مستوياتها. ففي حين كان بعض أوراق العمل المقدمة في الجلسات متميزاً كان البعض الآخر عادياً وباهتاً، وهذه أيضا طبيعة المؤتمرات. ربما من أجمل ما حفل به المؤتمر تلك اللقاءات الجانبية بين زملاء الحرف ممن باعدت بينهم الجغرافيا وظروف الحياة ومشاغلها. وقد التقيت، على سبيل المثال، الزميل القديم القاص فهد الخليوي بعد انقطاع منذ السبعينيات حيث عملنا معا في صفحات الثقافة بمجلة اقرأ مع القاص المبدع عبدالله باخشوين أيام رئاسة الدكتور عبدالله مناع للمجلة في سنواتها الأولى وكنا في بدايات العشرين من العمر! والتقيت أيضا بالصديق القديم القاص والأديب خليل الفزيع بعد سنوات من الانقطاع بسبب التباعد الجغرافي وكنا قد عملنا معاً في جريدة اليوم أيام صخب الحداثة حين كانت جريدة اليوم «متهمة» بأنها تقود موجة الحداثة. وقابلت وغيري زملاء كثيرين من مختلف مناطق المملكة لم يكن بالإمكان مقابلتهم والتعرف عليهم لولا هذا المؤتمر. وقد سألني الأستاذ دحام العنزي عبر برنامج في القناة الثانية بالتلفزيون السعودي عن المؤتمر فقلت أن أشياء عديدة ميّزتْ هذا المؤتمر، أبرزها برأيي هو التمثيل الجيد للكاتبات السعوديات ومشاركتهن في المؤتمر بالمقارنة مع المؤتمرات السابقة، وكذلك التمثيل الجيد للشباب من الكتاب والكاتبات ممن بدأت أسماؤهم وأسماؤهن تبزغ في سماء الأدب السعودي، واختيار موضوع الأدب الرقمي ومواقع التواصل الاجتماعي من حيث علاقتها ودورها في الأدب كأحد المحاور في المؤتمر. يبقى بعد ذلك الدور الكبير لوزارة الثقافة والإعلام كي تعمل على تحقيق توصيات المؤتمر لكي لا تظل حبراً على ورق، وفي مقدمتها إنشاء رابطة وصندوق للأدباء ومنح جائزة الدولة التقديرية للأدب وهيئة مستقلة للثقافة والاهتمام بالمسرح السعودي. [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر