كتاب الله القرآن العظيم هذا النُّور الذي نزل به جبريل عليه السَّلام على قلب محمد الأمين -إنّه كلام الله - وحبله المتين فيه نبأ ما قبلنا وخبر ما بعدنا وحكم ما بيننا هو الفصل ليس بالهزل، هو المخرج من كل فتنة والعصمة من كل ضلالة، من تركه من جبار قصمه الله ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله، وهو حبل الله المتين ونوره المبين وهو الذِّكر الحكيم والصِّراط المستقيم وهو لا تزيع به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الاتقياء ولا تلبس به الألسنة ولا يخلق من كثرة الردّ من علم علمه سبق ومن قال به صدق ومن حكم به عدل ومن عمل به أجر ومن دعا إليه هدي إلى صراط. هذه بعض مزاياه ولو ازدت القلم لزادني، والفكر لجاد بأكثر من هذا، كيف لا وهو من لدن حكيم حميد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. هذا الكتاب عظمه المسلمون منذ نزوله على محمد عليه الصَّلاة والسَّلام وهو يحظى بتقدير واحترام كل مسلم ومسلمة ومؤمن ومؤمنة وفي بلاد الحرمَيْن -حرسها الله- حظي كتاب الله بما يستحقُّ من الاحترام والعناية والتقدير وذلك على المستويين الحكومي والشعبي. فولاة أمرنا اتخذوه دستورًا للحكم ومنهجًا للقيادة وهداية ونورًا، ويعتزون -حفظهم الله- وكلّهم فخر وعزة وهم يتحدَّثون بذلك في المحافل الدوليَّة وعلى كافة الصعد وهو مصدر العزَّة والمنعة، منه تنطلق الأحكام والأنظمة كيف لا وهو صالح لِكُلِّ زمان ومكان؛ لأنّه كتاب الله وهو كلام الله الذي خلق الأنفس وهو أعلم بما يصلحها دنيا وأخرى. منه تغرف المناهج الدراسية ووفق نوره يتم تأليفها لمستويات التَّعليم من الرَّوْضة حتَّى الدِّراسات العليا. عناية ورعاية متميزة بدأت بتلاوته في المجالس المفتوحة لولاة أمرنا، حيث كان الملك عبد العزيز -رحمه الله- يفتتح مجلسه بآيات من كتاب الله مع تفسيرها وهكذا استمرَّ الحال إلى عهد خادم الحرمَيْن الشريفَيْن الملك عبد الله بن عبد العزيز -وفَّقه الله وأدام عليه لباس الصحة والعافية-. وهناك مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في طيبة الطيبة الذي نفع الله به، حيث يتم طبع وإخراج ملايين النسخ من المصحف الشريف وبأحجام مختلفة شملت الوطن بأكمله بيوت الله والمدارس على اختلاف مستوياتها والجامعات بكلِّياتها، بل تعدى ذلك إلى المسلمين في دول العالم أينما كانوا إضافة إلى تفسير القرآن الكريم بأحجام مختلفة ومن خلال أشرطة الكاسيت والسيدي يتم تسجيل آيات كتاب الله وأدَّى المجمع دوره في حفظ كتاب الله وصونه عن التحريف والزيادة والنَّقص. كل ذلك بفضل الله، ثمَّ بفضل توجيه ولاة أمرنا بإنشاء هذا المجمع الفريد. وهناك مدارس خاصة بتحفيظ القرآن الكريم للبنين والبنات تحظى بعناية واهتمام وزارة التَّربية والتَّعليم تغرس في الطُّلاب حفظ كتاب الله والعناية به وفهمه وتلاوته وتفسيره. إضافة إلى وجود كلِّيات خاصة بالقرآن الكريم تحمل اسم كلِّيات القرآن في عدد من الجامعات، كل ذلك عناية ورعاية لكتاب الله. وهناك المسابقات التي تقام كل عام وتعنى بحفظ كتاب الله وتجويده وتلاوته في مقدَّمتها المسابقة الدوليَّة التي تحمل اسم المؤسس لهذا الكيان الملك عبد العزيز -طيَّب الله ثراه- التي ترعاها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدَّعوة والإرشاد وتقام في رحاب الحرم المكي الشريف ويَتمُّ رصد المبالغ الطائلة لتقديمها جوائز للمشاركين مع الدول الإسلامية والأقليات الإسلامية في دول العالم. وتقام مسابقات في أنحاء الوطن وهي تحمل أسماء أصحاب السمو الملكي الأمراء ويَتمُّ رصد الجوائز الماليَّة لها، كل ذلك عناية ورعاية لكتاب الله وهناك الجمعيات الخيريَّة لتحفيظ كتاب الله وتلاوته التي تشرف عليها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدَّعوة والإرشاد ويقوم عليها عددٌ من أبناء وبنات الوطن تطوعًا ومكانها بيوت الله ويتم من خلالها تحفيظ الناشئة لكتاب الله وتجويده وقد نجحت وأدَّت دورها وتضم آلاف الطُّلاب على اختلاف مستوياتهم وأعمارهم إلى جانب الدور النسائية التي تنتشر داخل الأحياء وتُعْنى بتحفيظ المرأة لكتاب الله وتجويده لإعداد نساء صالحات وأمَّهات فاضلات. وتحظى تلك الجمعيات الخيريَّة بدعم من الحكومة الرشيدة من خلال الوزارة التي تشرف عليها حيث يخصص لها دعم مالي سنوي ولا ننسى تبرعات أهل الخير واليسار ممَّن يأملون الأجر والمثوبة من رب العباد، حيث يتبرعون لتلك الجمعيات لمواصلة عطائها واستمرار أدائها. وهناك رعاية خاصة من أصحاب السمو الملكي أمراء المناطق وتوابعهم، حيث يشرّفون حفلات تكريم حفظة كتاب الله التي تقام في بيوت الله وبذلك تحظى تلك الجمعيات الخيريَّة المشرفة على حلقات تحفيظ كتاب الله بدعم معنوي ومادي يعطيها دفعة قوية للاستمرار والعطاء. وهناك دعم من نوع آخر يتمثَّل في تبرع المحسنين بأوقاف يتم استثمارها لصالح الجمعيات الخيريَّة المشرفة على حلقات التحفيظ وبذلك يكون ريع ذلك الوقف إيرادًا ثابتًا ودخلاً مستمرًا يحقِّق لتلك الحلقات الاستمرار في دورها في تعليم القرآن الكريم وحفظه لدى الناشئة من الجنسين. ندعو الله جزيل الأجر والمثوبة لولاة أمرنا على عنايتهم واهتمامهم بكتاب الله ورعايته وتسهيل كافة السُّبُل وتذليل كافة العقبات التي قد تعترض تدريس كتاب الله وتعليمه وحفظته ليكون حصنًا واقيًا للنشء الجديد وإضاءة لشباب وشابات الوطن، ففي كتاب الله الخير كل الخير وهو الهدي والنُّور المبين «خيركم من تعلّم القرآن وعلّمه» ولن تدرك هذه الخيريَّة إلا بالاهتمام والعناية والرِّعاية لكتاب الله وهذا بحمد الله ما هو متحقق في وطننا الغالي منطلق الدعوة الإسلامية «المملكة العربيَّة السعوديَّة». محمد بن سكيت النويصر - إمام وخطيب وعضو الدعوة في محافظة الرس