عمّت الفرحة جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بقدوم الضيف العزيز على النفوس والذي يشتاق له المسلمون في كل شبر من هذه البسيطة وكلنا يتلهف لقدومه، ونقول له أهلاً وسهلاً بشهر الخير شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النار، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر وهي ليلة القدر (اللهم بلّغنا ليلة القدر يا كريم)، شهر أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان على رسولنا الكريم محمد بن عبدالله «صلى الله عليه وعلى آله وسلم» شهر انتصر فيه المسلمون في غزوة بدر على أعدائهم رغم قلة عددهم وعدتهم وكثرة عدد المشركين وعتادهم، ولكنهم يحملون بين جنباتهم قلوبا لا تخشى في الله لومة لائم، ولا تخشى الموت، وكل ذلك لجعل كلمة الله هي العليا، واليوم وبعد أن قربنا من العشر الأواخر نقول لرمضان مهلاً لأن هذه العشر الأواخر فضلها كبير وبدون شك فإنه قد خسر وخاب من أضاع هذه الليالي العشر بالسهر على الملهيات وعلى اللهو الباطل، وأضاع هذا الوقت الثمين فيما لا ينفع، إنَّ النبيَّ «صلى الله عليه وسلّم» كان يجتهدُ بالعملِ فيها أكثرَ مِن غيرها، ففي صحيح مسلم عن عائشةَ «رضي الله عنها» أنَّ النبيَّ «صلى الله عليه وسلّم» كان يجتهدُ في العَشْرِ الأواخِرِ ما لا يجتهدُ في غيرها. وفي الصحيحين عنها قالت: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إذا دخلَ العَشرُ شَدَّ مِئزره وأحيا ليلَه وأيقظ أهلَه». وفي المسند عنها قالت: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يَخْلِطُ العِشْرين بصلاةٍ ونومٍ، فإذا كان العشرُ شمَّر وشدَّ المِئزرَ». إننا لا ندرك نصوم رمضان بعد عامنا هذا أم لا نصومه، فيجب أن نتزود وإن خير الزاد التقوى، ومن خصائص هذه العشر الاعتكاف.. في الصحيحين عن عائشةَ «رضي الله عنها» قالتْ: «كان النبي صلى الله عليه وسلّم يعتكفُ العشرَ الأواخرِ مِنْ رمضانَ حتى توفاه الله عزَّ وجلَّ، ثم اعتكف أزواجُه مِن بعدِه». وفي صحيح البخاريِّ عنها أيضاً قالت: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يعتكفُ في كلِّ رمضانَ عشرةَ أيامٍ، فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه اعتكفَ عشرين يوماً». وعن أنس رضي الله عنه قال: «كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم يعتكِف العشرَ الأواخرَ مِن رمضانَ، فلم يعتكفْ عاماً، فلما كان العامُ المقبلُ اعتكفَ عشرينَ». رواه أحمد والترمذي وصححه. اللهم وفقنا لما فيه الخير والصلاح وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأصلح أمرنا كله دقّه وجلّه واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. - وادي الفرع