* سالم بن رزيق بن عوض * 85 صفحة من القطع المتوسط مدينة خير الخلق.. يثرب.. حيث مثواه.. وحيث مأواه كانت الحلم الذي تحول إلى علم.. وإلى مشهد لا يغيب عن ناظره.. قبيل أن يطرق أبواب طيبة الطيبة كان له تساؤل مع قلبه أين يطير..؟ إلى أين يتجه؟ سافر إلى المدينة وما ملأت شغاف قلبه.. هذه المرة نبضات قلبه متلاحقة متعانقة.. إن هاتفا في دواخله يهمس في أذنه: إلى مدينة الرسول هذه المرة. إلى طيبة الأطياب يممت ناظرا وفي النفس أشواق من الشوق تعبق وفي الروح ما يغني الزمان عن الهنا وفيها من الأسرار ما لا يمنطق تفتحت الأزهار في كل روضة وهذي الطيور الغانيات تحلق حسنا لو أبدل (الغايات) بالحالات إنها أقرب إلى التوصيف، حطت ركابه في المدينة وأمام مسجدها صلى. وتبتل وأجهش بالدموع: مدينة خير الخلق ما زال في المدى (قباء) ومازال الضياء يحلق ومازالت القصواء تتبع سيرها تخب إلى ذاك المكان وتشفق تحيي من الأعماق كل يمامة تغنى بها من شدة الحسن منطق وتهدي بنظرات الحبيب حبيبها له في يديها فضل خير يطوق انتهت الزيارة وجاءت العبارة خارج دائرة القنوط والقنوت حيث الليل.. وهدوء الليل. يعشق الهدأة والكون الرحيب والمدن الخرساء والوجه القريب يتباهى في مدى أحلامه يسفح الأحلام والفكر العجيب أين هو وجه العجب؟ وكل ذا يكون؟ نفس من عالم الغيب سرى يملأ الأجواء إبداعا وطيبا وقف الروض يحييه كما وقف المحبوب يسترضي الحبيب ويشي الأشواق من أشواقه تارة يلبسه ثوبا قشيبا والتارة الأخرى بحثت عنها فلم أجدها.. ولم أصل يا عزيزي إلى فهم الصورة التي تتحدث عنها إنها قائمة إن لم أقل غائبة عن المشهد.. (من هدأة الليل) إلى (نهر الصباح) حركته أقدامنا على جادة الشعر بخطوات وتيدة خشية المتعثر: نلاقي في ودادك ما نلاقي ونحلم في ودادك بالتلاقي يصارعنا الزمان بكل لون فنأبى أن نزارع أو نساق وقفة تحدي من الزمان.. ومن الصفاقة والنفاق التي تقف في وجهه غير آبة ولا مكترث لها.. حسن وقف على قدميه صامدا. ايا نهار الصباح إليك نهفو ونشرب من معانيك الرقاق المعاني على شاعرنا لا تشرب.. وإنما تؤخذ: عيون عيونك الحسناء شمس تراءت من مودتها المواقي هذا البيت مرتبك في صياغته.. العيون ليس لها عيون وإنما أحداق.. ثم السواقي مودتها لا تراءى.. يمكن لبيتك أن يأتي هكذا لحاظ عيونك الحسناء شمس تماهت في مودتها السواقي مع أرض السلام.. جاء الكلام: فديناك من أرض تفوح بنا عطرا وتفديك.. والأيام تنشرها نثراً وددت لو اننا نحن الذين تفوح بها عطراً.. لا هي: نزلنا إلى الأغوار تشتاق عزمنا وكم صخرة في السفح سخرت الصخر الصخرة لا تسخر ياعزيزي.. وإنما تسند.. قل أسندت الصخر: ملكنا قوانا حيث طارت ركابنا وكنا كماة تمنح الموت والأجرا نجود بأنفاس النفوس ونرتجي من الله عونا يزهق الفتنة الكبرى مآخذ ثلاثة يحسن علاجها لأنها تنخر في جسد القصيدة وتحد من حركتها.. المأخذ الأول الركاب لا تطير وإنما تسير على قدميها.. أما الموت فلا دخل له في الموقف. أنه أكبر من أن يمنحه بشر.. ثم أنفاس النفوس تماما كعيون العيون مركبة لفظية جامدة تفسر الماء بالماء، حاول أن تتحشاها في مستقبل شعرك - قل عن أنفاس النفوس مثلاً (نجود بأطياب النفوس). (قبلة على جبين طفل) عنوان لذيذ متناسق مع بعضه.. لعل ما تحته يأتي بمثل ديباجته الرقيقة: طرب الزمان وكان فيه عناد فتضمخي بالفارهات ريناد التضمخ وما بعده غير مفهوم.. ريناد وحدها أدركناها.. لك البشرى طوفي على قلبي المضمخ بالمشذى كالبشر!! حين تزفه الأعياد ودعي الجمال يقول ما يحلو له وعلى محيا له الجميل وداد.. أبيات تتحدث عن نفسها دون غموض. أبنيتي هذه عرائس فرحتي في فيئها الأطهار والأعواد الأفنان الشبه يا شاعرنا من الأعواد.. إنها يابسة لا تتناسب مع جسد ؟؟؟ اليس كذلك؟ ويدي على قلبي أخاف وفي صدى روحي دمي وعلى فمي الادراء أعد مفردة روحي إلى شطرها الأخير كي يكتمل الميزان فما ترجح كفة على أخرى. (تراتيل الشوق) كيف رجعها شاعرنا سالم بن عوض.. لثرى..! انت ادرى بلوعتي.. أنت ادرى! ألهبت في الحشا وريدا وصدرا خاطبتها حاضرة.. ثم أشرت إليها غائبة.. وهذا خلل يحسن علاجه.. وكي يتم التوافق بين الشطرين.. قل هي أدرى بلوعتي.. وأثارت زلازل الروح ضدي كلما أوردت تقمصت أخرى وانارت حول الفؤاد ضبابا طامحا جامحا جنينا وعمرا.. نفس الخطأ الأول.. شطر طويل وآخر قصير.. أعد من شطرك الأول للثاني كلمة (طافي) وربيعا مسطل الروح! مرا وثما تشتاق ؟؟؟ وعصرا ابدل عصرا بمفردة هصرا يخاطبها أنت أدرى فقد ملأت الحنايا وبلوت الغرام سرا وجهرا انت ادرى وفي خيالات عمري تزدهي نزوهي جمالات وسحرا اعطنا شعرا جميلاً كهذا يا رفيق رحلتنا.. في بيته الأخير جاءت عملية ضرب لا أستحسنها يقول الشطر الأول ضرب النهر في الرياحين فضلا فلنكن في الحياة والأرض نهرا قل يا عزيزي منع النهر للرياحين عطرا كي نشمه ونأنس لشذاه.. بماذا يصف شاعرنا الفل؟! زهرة الفل وجه قلب طروب وتقول الحياة فيها المقولا لونت أحرف البيان الموشى في روابي القلوب أضحت دليلا تفعم الجو بالنسيم وتسمو فوق هذا وذاك فجرا كحيلا الشطر الثاني من البيت الأول يحسن أن يكون كالتالي.. وتعد الحياة فيها مقيلا.. وما دمنا نتحدث عن الفل فليكن افعامه للجو بالأريج لا بالنسيم... لأن شذى الفل والورد والياسمين والفل. كل نفس تلقى لديه مناها كل خل يلقى لديه الخليلا وشكوى لها أحد فينا لا يشكو دهره وزمانه.. إنها طبيعة الحياة.. إلا أن للشكوى ألف وجه ووجه يسوق إليها.. عن أية شكوى يتحدث؟ الأرض أرضي والسماء سمائي وكذا الوجود ملاعبي وفضائي هذي الجبال الشامخات على المدى عزمي ومنها طينتي وبنائي حتى الصخور الراسيات مدائنه.. حتى رمالها في الأرض سر ذكائه.. حتى المروج الحاطات عرائسه ونفائسه ونسائمه ونمائه.. إنها دنياه ووجه مسرته وهنائه (تكثيف للجمل) ومباشرة في الطرح لا وجود للشكوى فيها.. لعلها المدخل لشكواه: سافرت في ذاتي أقود حسارتي وسواعدي رغم البلاء بلائي يا عزيزي جسارتنا وسواعدنا هي التي تقودنا وتدفعنا.. أما السفر في الذات مداه قصير.. المسفر في الحلم أمتع وأشبع.. ما دمت تبحث عن عظيم عطائك بحثاً عن أصداء غائبة تطوي من أجلها المغاوز كي تروي عطشك. ساءلت عن سر الزمان وأهله وهذيت هي للغريب النائي ليتك نطقت ولم تهذ.. الهذيان خروج عن الذاكرة السليمة المعافات.. ووقفت اعتبق النخاسة في فمي وفمي يمرض وفي العيون بكائي شكوى على طرف اللسان أسوقها وعلى اللسان مدائحي وهجائي (عروس الحزن) عنوان لا يفرح.. وإنما يجرح شفقة على حياة جديدة يطعمها.. ويذوق مرارتها كثيرون لم يحالفهم الحظ لخطأ في التقدير.. انتهى إلى ما يشبه المأساة.. جميلة أنت لولا ذلك الخال وعذبة انت لولا هذه الحال وفتنة انتي لولا الحزن يمنحها هذا الوجوم.. وفي العينين يختال الحزن في عينيها لا ينتقص من جمالها.. ألم تقرأ لشاعر معاصر: أحب الجمال الحزين أحب لكم هزني حول عينيه هدب ويردف شاعرنا قائلاً.. وهنا مربط الفرس كما يقولون: مليحة في ضواحي الفن رائعة لولا القيود.. ولولا القيل والقال لولا الدموع التي تهتاج راحلة لضاق بالحسن فستان وأحجال الدموع لا تهتاج.. بل تنساب واحجال اقترح بخلخال ذلك الذي يرن بصوته يوم زفاف.. يتساءل: هل للجمال ضحايا.. هل له عمر هذا الجمال وهل تبقيه آمال؟ نعم للجمال وللدمامة أيضا ضحايا لا شأن لهما به.. إلا أن تكون الغيرة والشكوك على الجمال الطاغي هو أحد أسبابه.. الفت النظر إلى الشطر الاول من البيت أنه مكسور يحتاج إلى عكاز يسنده.. أبدل ((هل له عمر) بدء هل له أمد يستقيم وزنه. والحمامة التائهة.. أنصفها شاعرنا جاءت معافاة تحلق بجناحيها دون متابعة ولا خشية بعد أن أمنت من رصاصة المقنص.. كانت إلى ذاك المكان تروح ويضمها ورد هناك وشح كانت تسافر في غيابات المدى ويسوقها نحو المكان نزوح كانت تحلق في ميادين الهوى والشوق في ذاك المكان يصيح كانت لها عينان عين في الذرى تسمو وأخرى في الزمان تلوح رغم كانت وكانت وكانت وكانت أشعر أنك انتصرت على مداخلتي معك.. أكدت أنك القادر على أن تقول شعراً نقرؤه ونستمتع به.. من مقطوعته (ترانيم الوداع) اجتزئ هذه الابيات الموحية بجمالها: حنانا بنا يا دهر نحن ودائع وهل هكذا كل النفوس تودع؟ وهل هكذا نأتي ونذهب خيفة كان مدانا في السموات مهيع كأن الليال السود أرخت سدولها وجلبابها بينالمحبين يشرح جموع من الأنفاس تطوي جناحها وتنشر مايكوي الفؤاد ويقطع ويشرع قل (مشرع) و (يقطع) في آخر شطر استبدله ب(ويوجع).. تحدث عن أم الحضارة بصوت تسكنه الجراح قال عن بغداد عاصمة الأمويين: بغداد يا دنيا الدموع على الورى يجري بك الطوفان والطوفان وعليك من دمنا الأبي سحائب يروي بها في صخره الشيطان غزلت لك الأيام ثوب نخاسة وابتاعك الأعمام والأخوان فإذا الرشيد موثق برباطه وإذا النساء يسوقهم خوان القصيدة مرضية ومعبرة لوهنات بسيطة يمكن تداركها الطوفان والطوفان تكرار لا داعي له.. قل مثلا البركان أو الزالزال والطوفان ثم وإذا النساء يسوقهم خوان (النساء جمع مؤنث.. ويسوقهم خاصة بالمذكر قل وإذا النساء يسوقها خوان وينتهي الإشكال نختتم رحلتنا مع شاعرنا الجميل سالم بن رزيق عبر يدوانه (مدينة الرسول) التي هي إحدى قصائد ديوانه.. نختتمها وهو الشاعر المجتهد بقصيدته (مدائن الشعر) التي أعطاها لنا نابضة بالحياة.. سليمة الجسد.. حيث الحركة.. قم بنا يا يراع نقتحم المدرب ونبني على الشموس منانا نتهادى على النجوم ونلقي في رحاب النجوم وجه هدانا نمنح العزم وقدة الروح فكراً وشعورا ورقة وحنانا وكما يشرق الصباح أميرا نتسامى حلاوة وافتتانا قم بنا يا يراع نجري مع النور نرى في الوجوه لون سمانا وزي فيه طهرنا وسنانا وزي فيه حجنا وهنانا وترى فيه وعالما يتسامى وترى فيه ظلالها يتفانى الشطر الأول من آخر بيت المواد الثانية فيه زائدة.. لك الشكر وقد كنت رفيق سفر في رحلة شعرية أتمنى أن تكون على قدر ما أتمنى وتتمنى. الرياض ص.ب 231185 - الرمز 11321 - فاكس: 2053338