شاعر مزقته السنون وضمخ بالالم وخرج مغرداً من وحي قريته قلما مصلى على ورقاب روض اخضر عاكساً للشمس فينثر بأطياف شعرية " قوس قزح " مع كل لون ضوئه الوهاج ويستمر الابداع نغماً لشاعر مطبوع طبع على لسانه قرض الشعر هكذا على لسانه كمجرى السيل، هو وحده من يلجمه والا تبقى في ذاكرته هوس الهوى العفيف وخلق الصورة الجديدة وألق الفكر وروعة المعاني " قنابل شهرية موقوتة " مع كل قافية بحر هائج وامواج متلاطمة وشواطئ نقية مرسى للابداع شكل " المكان ومراتع الصبا " في المقام الاول شاعريته الفذة ورمى شباكه في انهر الجمال واصطاد اللآلئ الحسان وحمل الهموم وتوسد الغموم واستشق الغيوم فأتت تترى ندى وشارا ورياحين فصدر اليابسة ربيعاً شعرياً ثانياً وأورقت اشجار الخريف في ديوان " ويورق الخريف " للشاعر عيسى بن علي جرابا .حمل هذا الديوان الثالث بعد مجموعتي " وطني ..والفجر الباسم ولا تقولي وداعا " كما جاء في ذيل " يورق الخريف " اثنين وثلاثين نصا شعريا غمرت هذا الديوان، بدأه بالاهداء لوالده يرحمه الله والتي ترمز حقاً للوفاء، وان وفاة والده وهو لم يتجاوز العشر سنوات رغم اساها الا انه شكلت رمزاً فريداً فاق بكثير اقرانه من الشعراء وخطا بثقة ممشاه الشعري اسلوبا تحدى من قبله وطغى على من بعده انه عيسى جرابا صاحب الصورة الشعرية الجديد فهو لم يأت بالابداع لا لا بل وظفه ليصبح نغم الاوتار تهز القلوب ومنها في الزمان العجيب : لا تسلني عن سر هذا الشحوب انا قلب حوى جميع القلوب اتلظى بنار غيري ويجري فوق خدي دمع ناء غريب انظروا يالهول هذه الصورة وعلى راحتي تنام الليالي هانئات الشهد فيها نصيبي ويقول في " اوراد السنا " لملمت اطياف المشاعر فانجلت صور تفيض من الوداد ودادا هذا الخيال العجيب والتوظيف الفريد وفتحت نافذة عاى الامس الذي رضع الضياء وعانق الامجادا ويقول في نص " شيخوخة ": فجعته احداث الزمان بكل من يهوى وغاض الالسن في اكوابه وسنينه شيبته احليه عظماً تعرى من جميل ثيابه شاخت خطاه وشاخت الطرق التي فيها مشى شاخت عيون رغابه لكن لنظرة عامة على ديوان " ويورق الخريف؛ خصوصا عنوان الديوان يوحي ان ثمة معاناة جردت الشاعر من حياة المتعة وملهى الطفولة وجعلته منذ نعومة اظفاره رجلا قبل الآوان هذه المسحة الطافرة من ثنايا قصيده الحزينة الباكية الشاكية الى الله وان لم يصرح بها وفضحتها حروفه اللاهثة خلف استلهام ما فات وما هو آت وحاولت استقراء ذلك من خلال بيتين يوحي كل منهما بهذا الوجع وفي نفس الوقت القوة الكامنة التي يزفها في شعره يقول في نص " مطايا الحتوف ": تعبت من توقد الحروف وركضها في مهمة مخوف تموج بين اضلعي وتغلي وتستفز همه الضعيف تضمد الجراح في الحنايا وترسم الصباح للكفيف " هنا ما قصدت " ومن نداها تخصب الفيافي وتورق الاغصاب في الخريف ويقول في " الزمان العجيب ": ايه يا ايها الزمان كأني لا ارى فيك غير وجه كئيب ضقت ذرعاً بما اراه وقلبي فيه مما يحسه كاللهيب " وهنا ما قصدت " فمتى يا زمان يورق فينا امل مايزال رهن الغيوب؟ عموما الديوان حفل بكثير من الابداع والتي لخصها في تكرار كلمات بثها الشاعر في ديوانه بل لا تكاد - تقريباً - قصيدة الا وضمنها وهي " الليل، الهوى، الخطى، الريح " ثم كلمة " ألحان " بل وجدت في قصيدة " هل يعذل العشاق؟ " خمس مرات وهذا ان دل على شيء فانما يدل على مدى الحب الذي يجمعه للشاعر احمد يحيى البهلكي ومنها : من روض " الحانك " يا بهكلي اشتم ازهار المنى اجتلي وايضا : من روض ألحانك فاح الشذا وفاض بالاحساس لم يذبل وايضاً : يا مبدع الالحان يا واحة جذلى ويا مستعذب المنهل وايضا : تشدني ألما نعاكم بها من رائعات الفكر ما لذّ لي ! ويقول في الخامسة : يا مبدع الالحان خذ احرفي بها لهيب الشوق كالمرجل ويختم بقوله : هل يعذل العشَّاق؟ كلاَّ ..لذا دعني ابح بالسرِّ يا " بهكلي " ونأتي للنص المبثوث وهو كثير حقيقة ..ولكن اخترت شيئين : الأول : في نص " مولد شهيد " في الشيخ المرحوم باذن الله " احمد ياسين ": أأرثيك؟ كلا ايا قامة رؤى واعتلت ميتاًشامت سؤددا رأيتك في رفعة كما كنت حيا " تغيظ العدا " يقول شاعر اخر : فإما حياة تسر الصديق وإما حياة " تغيظ العدا " وكذلك في نص " كيف انساك " واسميتها " بكائية امرؤ القيس " يقول : من يذق لوعة الهوى ليس ينسى قلبه من الصخر خلياًلوغد اقسى بردة النهار بؤساًليرتدي ويجافي مضاجع الليل أن يقول : طيفاًإلى ايه امسي وما احيلاك كلما لاح كالسنا " طبتُ نفسا " في قول الشافعي : دع الايام تفعل ما تشاءُ و " طب نفسا " اذا حكم القضاء الثاني : توظيف المثل والحكمة في الشعر يقول في نص " مالي وللشعر " مالي وللشعر؟ ما اوقدت قافية الا وهبّ المدى ريحاً فتنطفئ " هنا صورة رائعة " للقلب نبراساً يضيء اتكئُاراه وكم عليه ان شاخت الآمال ويختتم بحكمة غدت مثل " بدأ من حيث انتهى منه الآخرون " بقوله : هذا انا كم رثيتُ العاشقين ومن " حيث انتهوا في دروب العشق ابتدئ " بقيتْ مسألتان الاولى : سبع قصائد تحكي الم امةٍ في فلسطين الابية والعراق الجريح وبغداد التي تحتضر وهنا وهناك من عالمنا العربي المطحون وتلك القصائد هي : طريق الضياع، قطوف الشعر وهي صدى لقصيدة العشماوي الدالية " من يداويني من الشعر " يقول فيها : نُحْ على الاقصى واشعل ذكره لهبا ً حتى يعود المسجد واهجُ من دَنّسهُ في صلف وتمادى وغداً يستأسد وَابْكِ آلاف الضحايا ما لهم في خضم البغي إلا الصمد أرشِدِ الأُمَّة واصُبرْ ان بدا لك لومٌ كم يلام المرْشِدُ ! ومنها " الزمن الابي " ومنها : كل زاوية لهم وحشية كالتائهِفي يقف الخيال امامها العربي يجرع ذلة اهوائهِوالعالم مُذ صار منطوياً على ومنها نص " ضياع " و " وجه الاحداث " و " نشيد النصر " يقول فيها : ضُمّ الحجارة واسقها ماء الهدى ٭ فبها ستصبح فوق ارضك سيدا وايضا : لمن عشق البطولة مستشهداًواثأر وامتطى ايمانه حتى هوى واغسل بشلال الدماء ثراك من رجس اليهود ودوِّ منه المسجد ! وانسف جبال الوهم دُكّ حصونه وبمنجلٍ الاصرار جُزّ الغرقد ! ويقول ايضا في وجع " محمد الدره " اين السلام؟ واين من يهذئ به؟ او ما رأي طفل الفدا محمدا؟ ويقول ايضا : فهوى شهيداً غارقاً بدمائه طفلا على كفيّ ابيه ممددا اين الملايين التي بوجودها شرقت فلم تشجب وما مدت يدا؟ بل اين " امريكا " ؟ لماذا لم تدن " باراك " حين لوى السلام وعربدا؟ واخير النص السابع وهو " كل الفصول خريف " الثانية : ولها بابان " " 1 الوجع الابدي في عالمنا العربي والذي يمارس البعض باتقان وهو وهو " ان الاديب بيننا ناثراً ابداعه لا نلتفت له وعندما يموت " نبكي عليه ثم نكرمه بعد وفاته فإي تناقضِ هذا " هذا ما عبر عنه شاعرنا من جيزان، عيسى جرابا في نص " ظلالُ الوفاء " كتبت في - 6 - 9 4241ه يقول منها : وإذا يوما طواه الموت كم ٭٭اعين فاضت اسى في اثره . ويقول شاعر من زهران حسن محمد حسن الزهراني في نص " الاديب الغريب يقول فيها : كم اديب قد مات فقرا ولما ٭٭مات فاضت دموعنا الكذابه " لاحظ عزيزي القارئ تشابه القافيتين الهاء " بين الشاعرين عيسى بن جربا وحسن الزهراني وهذا يدل دلالة واحدة وهما من جيل الفترة الحالية " الشعراء الجدد " ان الهم والوجع وشكوى الجحود واحد . " " 2 هناك قصائد غزلية عفيفة تحرر منها الشاعر ولم تسجنه كونه " عضوا في رابطة الادب الاسلامي العالمية " كما فعلت بغيره من الاعضاء . عموما عيسى جرابا هذا القلم طرق فن الغزل العذري في روعة وبأمانة اعيى الشعراء بعده يقول في هذا النص تحديدا " ذهول الصمت " سكبتُ بين يديك القلب والمقلا وبتُّ استمطر الاحلام والاملا ورحتُ اعزف الحان الهوى طمعا ان تستلين وان يخضرّ ما ذبلا ذكرتها بزمان الوصل حين اتت تميسُ في عنفوان بعدما اكتملا لما التقينا اثارت فيّ عاصفة من المشاعر تجتاح الحشا وجلا واوغلت في الحنايا رعشة اسرت لسان قلبي وظلّ الصمتُ مذهلا ثم انثنت خشية الواشين عائدة عجلى وعدت غريب القلب منشغلا لقاؤنا صدفة مرت على عجل رشفتُ من لحظها كأس الهوى عسلا ويختم بهذين البيتين : شعرتُ فيها بأن الليل يغمرني ظلامه وبأني صرت مكتهلا عجبت للحب كم قتلى به دمهم طلّ ويحيا رفيع القدر من قتلا