الرومانسية هي (مشاعر وأحاسيس خيالية). وقد لا أكون مغالياً إذا قلت إن العرب هم أشد الشعوب رومانسية - إن صح التعبير - فهذا الفارس والشاعر العربي الجاهلي عنترة بن شداد العبسي يتذكر محبوبته (عبلة) في أصعب الظروف والمواقف فيقول: ولقد ذكرتك والرماح نواهلُ مني وبيض الهند تقطر من دمي فوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرك المبتسم وأما توبة بن الحُمير، الذي كان يعشق ليلى الأخيلية فقد ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير حين قال: ولو أن ليلى الأخيلية سلَّمت عليَّ ودوني جندلٌ وصفائحُ لسلمتُ تسليم البشاشة أوزقا إليها صدى من جانب القبر صائحُ وكتب أحد العشاق العرب إلى محبوبته (إني أحبكِ حباً لو كان تحتكِ لأقلكِ ولو كان فوقكِ لأظلكِ). وقد سألت أعرابية رجلاً عن قبيلة فقال: أنا من قوم إذا أحبّوا ماتوا. فقالت: عُذَّري ورب الكعبة، أي من بني عُذرة. وإليهم ينسب الحب العذري ومنهم مجنون ليلى (قيس بن الملوّح) وجميل بثينة وغيرهما. وفي الأندلس اشتهرت قصة العشق والغرام التي جمعت بين ابن زيدون وولاّدة ابنة المستكفي، فكتب فيها ابن زيدون نونية المشهورة: أضحى التنائي بديلاً من تدانينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا وتذكرها وهو في مدينة الزهراء حيث قال: إني ذكرتكِ بالزهراء مشتاقا والأفق طلق ووجه الأرض قد راقا وللنسيم اعتلالٌ في آصائله كأنما رقّ لي فاعتل اشفاقا ولا ننسى لسان الدين بن الخطيب القيرواني وهائيته المعروفة: يا ليل الصب متى غده أقيام الساعة موعده تلكم هي رومانسية العرب التي سبقت رومانسية روميو وجولييت ودون جوان بعدة قرون، وما زالت ينبوعاً صافياً للخيال والإبداع. - بريدة