اسمها ونسبها: هي من أهم شاعرات العرب المتقدمات في الإسلام ولا يتقدمها أحد من النساء سوى الخنساء. هي ليلى بنت عبدالله بن الرحال وسميت الرحالة، وآخر أجدادها كان يعرف بالأخيل وهم ينتسبون إلى قبيلة بني عامر، وعرفت قبيلتهم بأنهم كانوا من عشاق العرب، ولكن كانوا بالإضافة إلى الشعر من أوائل المسلمين الذين ساهموا في . معارك الإسلام معاصرتها للأحداث السياسية: عاصرت ليلى الأخيلية أهم أحداث عصرها السياسية، ولكن شعرها خلا من تلك الأحداث باستثناء رثائها لعثمان الذي استشهد سنة 35ه. وبرزت ليلى بجمالها الذي سلب عقل توبة، وشجاعتها التي مكنتها من التصدي لأكبر الشخصيات ، ومقدرتها على إسكات فحول الشعراء بشاعريتها الواضحة في شعرها، وعفتها التي حافظت عليها مع من تعشقه طوال عمرها ونشأت ليلى منذ صغرها مع ابن عمها توبة بن الحمير والمشهور عنها أنها عشقت توبة وعشقها، وكان يوصف بالشجاعة ومكارم الأخلاق والفصاحة. وكان اللقاء عند الكبر عندما كانت ليلى من النساء اللواتي ينتظرن الغزاة، وكان توبة مع الغزاة فرأى ليلى وافتتن بها، وهكذا توطدت علاقة حب عذري. ولكن رفض والد ليلى كان عائق زواجهما، لانتشار أمرهما، وقصة الحب بين الناس. وبعد ذلك زوجها أبوها من أبي الأذلع. ولكن زواج ليلى لم يمنع توبة من زيارتها وكثرت زياراته لها، من بعد ذلك تظلم بنو الأذلع إلى السلطان الذي أهدر دم توبة، إذا عاود زيارة ليلى،فأخذوا يترصدون له في المكان المعتاد، وذات يوم علمت ليلى بمجيء توبة وخرجت للقائه سافرة وجلست في طريقه واستغرب خروجها سافرة، ولكنه فطن أنها أرادت أن تعلمه عن كمين نصب له فأخذ فرسه وركض، وكانت ليلى هي السبب في :نجاته. وفي هذا الحدث يقول توبة وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت فقد رابني منها الغداة سفورها تزوجت ليلى مرتين، وكان زواجها الأول من الأذلعي ومن أهم صفات زوجها الأول أنه كان غيوراً جداً، وبعض القصص تقول أنه طلقها لغيرته الشديدة من توبة، وقصص أخرى أنه مات عنها. أما عن زوجها الثاني فهو سوار بن أوفي القشيري والملقب بابن الحيا.وكان سوار شاعراً مخضرماً من الصحابة ويقال أنها أنجبت العديد من الأولاد. وفي ذلك الزمان كانت ليلى مشهورة بين الأمراء والخلفاء. فحظيت بمكانة لائقة واحترام كبير، وكانت تُسمِع الخلفاء شعرها سواء كان من الرثاء أو المديح، فنالت منهم الأعطيات والرغبات، وكذلك كان الشعراء يحتكمون إليها، وكانت .تفاضل بينهم ليلى وكبار الأمراء: أ. ذات يوم وفدت ليلى على معاوية بن أبي سفيان ولديها عدة قصائد مدحته فيها .وقصيدة لها وصفت فيها ناقتها التي كانت تجوب الأرض لتصل إلى معاوية فيجود عليها من كرمه، وسأل معاوية ذات يوم ليلى عن توبة العشيق إذ كان يصفه الناس بالجمال والشجاعة والكرم . فقالت " يا أمير المؤمنين سبط البنان، حديد اللسان، شجى للأقران، كريم المختبر، عفيف المئزر، جميل المنظر، وهو كما قلت له أمير المؤمنين " ثم قال معاوية وما قلت له ؟ قالت : "قلت ولم أتعد الحق وعلمي فنه .فأعجب من وصفها وأمر لها بجائزة عظيمة واستنشدها المزيد. ب. وكانت ليلى على علاقة وثيقة بالحجاج بن يوسف وبالأمويين عامة . ويذكر ذات يوم أنها دخلت على الحجاج، فاستؤذن لليلى فقال الحجاج من ليلى ؟ قيل الأخيلية صاحبة توبة . فقال : ادخلوها ، فدخلت امرأة طويلة دعجاء العينين، حسنة المشية، حسنة الثغر، وعند دخولها سلمت فرد عليها الحجاج ورحب بها . وبعد جلوسها سألها عن سبب مجيئها فقالت السلام على الأمير والقضاء لحقه والتعرض لمعروفه،ثم قال لها وكيف خلفت قومك؟ قالت تركتهم في حال خصب وأمن ودعة، أما الخصب ففي الأموال والكلأ، وأما الأمن فقد أمنه الله عز وجل، وأما الدعة فقد خامرهم من خوفك ما أصلح بينهم، ثم قالت: ألا أنشدك؟ فقال: إذا شئت ، فقالت : أحجاج لا يفلل سلاحك إنما المنايا بكف الله حيث تراها إذا هبط الحجاج أرضاً مريضة تتبع أقصى دائها فشفاها شفاها من الداء العضال الذي بها غلام إذا هز القنا سقاها سقاها دماء المارقين وعلهاإذا جمحت يوماً وخفيف أذاها إذا سمع الحجاج صوت كتيبة أعد لها قبل النزول قراها وبعد انتهائها قال الحجاج: لله ما أشعرها. وأمر لها بخمسمائة درهم، وخمسة أثواب وخمسة جِمال.وبعد مسيرها أقبل الحجاج على مجلسه، وقال:أتدرون من هذه؟ قالوا:لا والله ما رأينا امرأة أفصح وأبلغ ولا أحسن إنشاداً .قال: هذه ليلى صاحبة توبة، ولم يكن الحجاج يظهر بشاشته ولا سماحته في الخلق إلا في اليوم الذي دخلت عليه ليلى الأخيلية. خصائص شعرها: إن أغلب القدماء أشادوا بأن ليلى الأخيلية شاعرة فاقت أغلب الفحول من الشعراء، وشهدوا لها بالفصاحة والإبداع. وبعضهم كان يقدمها على الخنساء عندما كان أشراف قريش مجتمعين في مجلس يتذاكرون الخنساء الأخيلية ثم أجمعوا أن الأخيلية أفصحهما، وإن ليلى أكثر تصرفاً وأغزر بحراً وأقوى لفظاً ولكن الخنساء أغلب قصائدها الرثاء. وهناك الكثير الذين أعجبوا بشعرها ومنهم الفرزدق حتى أنه فضل ليلى على نفسه، وأبو نواس الذي حفظ العديد من قصائدها، وأبو تمام الذي ضرب بشعرها المثل، وأبو العلاء المعري الذي وصف شعرها بأنه حسن ظاهره. والناظر في شعرها وشعر الخنساء يرى أن شعر الخنساء من خيال ضعيف وخلو شعرها من الحكمة، واقتصار أشعارها على موضوع واحد بالإضافة إلى تكرار المطالع والألفاظ عدد الأغراض الشعرية من مديح وهجاء وفخر وغزل وكذلك الرثاء ، واحتواء شعرها على العديد من الحكم والأمثال مثل ولا تقولن لشيء سوف أفعله قد قدر الله ما كل امرئ لاق : امتزاج شعرها بفيض العاطفة وخاصة رثائها لتوبة فآليت لا أنفك أبكيك ما دعت على فنن ورقاء أو طار طائر قتل بني عوف فيا لهفتا له وما كنت إياهم عليه أحاذر وتتسم العطفة في شعرها بالهدوء والاستسلام للقدر على شيء من التفلسف .والتأمل في الوجود من خلال شعرها يتبين تأثير البيئة الأموية التي عادت فيها العصبيات القبلية إلى الظهور، وتفاخر الشعراء بقبائلهم كقول الأخيلية وذكر ما فعله قومها :لبني مذحج وهمدان، ومن أشعارها التي كانت تفتخر فيها بقومها: نحن الأخايل لا يزال غلامنا حتى يدب على العصا، مشهوراً تبكي الرماح إذا فقدن أكفنا جزعاً، وتعرفنا الرفاق بحوراً ويلاحظ التأنق اللفظي في شعر الأخيلية وهذا التأنق يأتي بعيداً عن التكلف والتعقيد :والذي ساعد في الموسيقى الشعرية وتميز شعرها عن غيرها، كما في قولها فوارس أحلى نشأها عن عقيرة لعاقرها فيها عقيرة عاقر والقصد بعقيرة عاقر إن توبة أعظم الناس جميعاً. ومن أساليب التأنق اللفظي يلاحظ في شعرها الطباق ، وهناك غموض خفيف وبساطة قريبة من عالم الشعر والخيال. ويمكن ملاحظة الطباق من خلال هذا :البيت إن يصدروا الأمر تطلعه موارده أو يوردوا الأمر تحلله بإصدار ومن سمات شعر الأخيلية التكرار اللفظي، وهذا التكرار مستحسن لدى الأخيلية :وغايته تأكيد المعنى والإكثار من الألفاظ المتشابهة ومنه ، أما توبة بن الحمير فشاعر غزل رقيق فصيح الألفاظ سهل التراكيب وقوي العاطفة :ومن أشعاره التي كان يتشوق فيها ليلى أرى اليوم يمر دون ليلى كأنما أتت حجج من دونها وشهوراً حمامة بطن الواديين، ترنمي سقاك من الغر الغوادي مطيرها وفاتها: أقبلت ليلى من سفر وأرادت أن تزور قبر توبة ذات يوم ومعها زوجها الذي كان يمنعها، ولكنها قالت: "والله لا أبرح حتى أسلم على توبة" فلما رأى زوجها إصرارها تركها تفعل ما تشاء. ووقفت أمام قبر توبة وقالت:"السلام عليك ياتوبة" ثم قالت لقومها ما عرفت له كذبة قط قبل هذا فلما سألوها عن ذلك :فقالت أليس هو القائل ولو أن ليلى الأخيلية سلمت علي، ودوني تربة وصفائح لسلمت تسليم البشاشة أوصاح إليها صدى من جانب القبر صائح فما باله لم يسلم علي كما قال ؟! وكانت بجانب القبر بومة فلما رأت الهودج فزعت وطارت في وجه الجمل، الذي أدى إلى اضطرابه ورمى ليلى على رأسها وماتت في نفس الوقت ودفنت بجانب قبر توبة. وكانت المنطقة تعرف بالري. وكان ذلك في سنة 85ه. 0 | 0 | 9 Tweet تابعونا على :