إن مستوى المنافسات الرياضية في وقتنا الحاضر أصبحت تحتل مركزاً عالياً مما يتطلب العناية الفائقة والمتابعة المستمرة للحفاظ على رقي ومستوى الرياضات التنافسية مما قد يؤدي إلى ظهور توتر وقلق واضح لدى المسؤولين والقائمين على المنافسات الرياضية لتبقى منافسات شريفة خالية من المعيقات والشوائب التي قد تضر وتؤخر من تقدم المسابقات التنافسية المختلفة.لذا نلاحظ أن مهمة الحكام أصبحت صعبة جداً مما لها دور كبير في إخراج وصقل ورفع مستوى التنافس بين الفرق من خلال التحكيم الشريف الصادق وهذا الدور يتحمله الحكم, والذي قد يواجه ضغوطات كبيرة كونه يتحمل جزءاً كبيراً في تحكيم المباريات وإخراجها دون مشاكل أو إثارة لا يحمد عقباها.ويعتبر التحكم في الانفعالات من الأهمية بمكان للحكم حتى يستطيع تحقيق الهدوء والاستقرار في نفوس اللاعبين والمدربين والإداريين وكذلك الجمهور, وحتى يستطيع أن يعطي تعليماته ونصائحه وقراراته لهم بصورة واضحة ونبرات هادئة وخاصة في المواقف ذات الطابع الانفعالي العنيف والضغوط النفسية العالية, وكثير ما يصادف الحكم العديد من المواقف العصيبة والتي تتطلب منه ضبط النفس والسيطرة على انفعالاته إذ إن سرعة الانفعال والغضب والعصبية وسرعة التقلب من العوامل التي تسهم في الإضرار البالغ بتحكيم المباراة وتساعد على التأثير السلبي في تنفيذ قراراته وتحكيمه.. هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الانفعالات ينتقل أثرها بسرعة في ظهور القلق والتوتر مما ينتقل بشكل غير مباشر إلى للاعبين والجمهور وبالتالي تكثر الاحتجاجات المتكررة التي تعمل على زيادة توتر الحكم مما قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات غير صحيحة ومن ثم تنتقل الاحتجاجات إلى الأطراف ذات العلاقة من إعلاميين وإداريين في الأندية مما يوتر الجو العام للدوري والذي لا ينقصه أجواء مشحونه. إن تعرض الحكم لتهديدات حقيقية أو متخيلة تستدعي حالة الاستثارة التي يطلق عليها مصطلح القلق, وأنا أتمنى أن تترك الفرصة للمختصين والمهتمين بعلم النفس الرياضي دراسة مصادر الضغوط النفسية لدى الحكام, حيث من خلالها تبنى برامج تطوير أداء الحكام التي يجب أن لا تقتصر على اجتماع شهري والتعليق على الأخطاء, أن حكامنا يحتاجون إلى إعداد نفسي يوازي الإعداد البدني. الحكم مطالب بتحقيق متطلبات تفوق معرفته وقدراته الأدائية وأن هناك مسؤوليات كبيرة تقع على كاهل الحكم من أجل أن يظهر بمستوى عال في التحكيم حتى يرتقي بمستواه وينال ثقة المسؤولين في الاتحادات الرياضية وفي الأندية, الحكم يحتاج إلى أن يكون قادراً على اتخاذ قراراته بحيث يستطيع التعامل مع الضغوط النفسية التي قد تواجهه خلال تحكيمه في مختلف المنافسات بصرف النظر عن أهمية المنافسة وجمهورها. يجب أن يستحدث في الاتحاد السعودي إدارة أو قسم يهتم بالتعرف على الأحداث المرتبطة بالضغوط لدى الحكام وكيفية معالجتها لإعادة الثقة في الحكم المحلي, والتعرف على الأعباء والمتطلبات الداخلية والخارجية للحكم.ومن وجهة نظري هناك أربع مجالات تعتبر سببا في مصادر الضغط لدى الحكام وهي: * المجال النفسي.. ومن هذه المصادر: - مصادر مرتبطة بعدم قدرة الحكم على عزل نفسه عن الضوضاء التي يثيرها الجمهور. - مصادر مرتبطة بالمباريات المصيرية والتنافسية كالمباريات النهائية أو دور الأربعة أو مباريات ما يعرف بالديربي. - مصادر متعلقة بثقة الحكم بنفسه. - مصادر متعلقة بالتفكير خارج الملعب كالتركيز على ردة فعل الإعلام والجماهير بعد المباراة. * المجال المرتبط باللاعبين.. ومن هذه المصادر: - مصادر مرتبطة بتكرار اعتراض اللاعبين مما قد يعيق الحكم من اتخاذ قراره بشكل صحيح. - اللعب السلبي من قبل اللاعبين يؤثر على سير التحكيم. - استهتار اللاعبين بقرارات الحكم تثير غضب البعض. * مجال المدربين والإداريين.. ومن هذه المصادر: - اعتراض المدربين والإداريين المتكرر. - الحركات والإشارات الاستفزازية من قبل المدربين نحو الحكم. - احتكاك المدربين والإداريين بالحكم المساعد أثناء المباراة. - عدم التزام المدربين والإداريين في أماكن جلوسهم أثناء المباراة. * مجال الجمهور.. ومن هذه المصادر: - اقتراب الجمهور من أرضية الملعب. - جهل الجمهور بقوانين التحكيم. - الهتافات والعبارات غير اللائقة (اللاخلاقية). أتمنى في الختام أن يهتم الحكام بأنفسهم من حيث تطوير أدائهم, وأن نشاهد حكام على درجة عالية من الانضباط الانفعالي والتركيز العالي داخل الملعب فقط. * وقفه: هناك حكم احترم تاريخه وما سجله من إنجاز، تحديداً في المباريات الدولية ولكنه وللأسف عندما يدير مباراة فريق كبير ومنافس يسقط وتكثر هفواته التي لا تتوازى مع خبرته وإمكانياته.. لماذا؟ سؤال عريض يحتاج إلى متابعة, أتمنى أن يراجع حساباته كما أتمنى أن نشاهده في كأس العالم في البرازيل. د. عبدالله بن صالح الفهري - كاتب وأكاديمي سعودي [email protected]