تستهويني قراءة ومعرفة الأسباب التي تدفع بعض الناس إلى التخلي عن دياناتهم واعتناق ديانات أخرى، أياً كانت هذه الديانات الأخرى التي تجتذب أشخاصاً ربما تملكتهم الحيرة والشكوك تجاه دياناتهم الأصلية ثم عثروا على ما يرضي عطشهم الروحي فاندعوا إلى اعتناق العقيدة الجديدة؛ وقد يصبحون أكثر حماساً من الأصحاب الأصليين للديانة! وقد وجدتُ أن أكثر ما يدفع الأشخاص غير المسلمين إلى اعتناق الإسلام هو الجانب الإنساني في الدين الإسلامي، وهو الجانب الذي قد لا ينتبه إليه كثيرٌ من المسلمين، ربما للتركيز الشديد على جانب العبادات في الدين، مع أن الإسلام شديد الاهتمام أيضاً بالجانب الإنساني والأخلاقي والتعاملي. سبق لأن كتبت عن السيدة البلجيكية الطاعنة في السن التي اعتنقت الإسلام وهي في حدود التسعين من العمر بعد أن أذهلتها المعاملة الإنسانية الفائقة التي كانت تتلقاها من جيرانها المغاربة، فعندما سألتهم عن أسباب اهتماماتهم بها وهي التي فقدت الرعاية حتى من أفراد أسرتها وأقاربها قالوا لها إن ديننا الإسلامي يأمرنا برعاية المسنين والاهتمام بالجيران والأقارب وصلة الرحم حتى لو لم يكونوا من ديانتنا. وقد دُهشت السيدة العجوز من هذه المعلومة عن الإسلام الذي يتم تصويره على أنه دين التشدد والتعصب والإرهاب، فراحت تقرأ وتستطلع عن الدين الإسلامي، ثم قررت في النهاية اعتناق الإسلام عن اقتناع بهذا الدين العظيم. ومنذ بضعة أيام، نشرت جريدة عكاظ خبراً عن عامل فلبيني يشتغل نادلاً في مقهى في إحدى المدن السعودية تعرض للاعتداء والضرب على يد شاب أهوج، فما كان من أحد الحضور إلا أن هب لنجدة العامل الفلبيني وأصر على استدعاء الشرطة التي حضرت على الفور واصطحبت الجميع إلى مركز الشرطة رغم محاولات صاحب المقهى لإنهاء الموضوع دون تدخل الشرطة. وعندما حضر الزبون في اليوم التالي للمقهى سأله العامل الفلبيني عن السبب الذي دفعه لنجدته والاهتمام به يوم أمس، فأجابه الزبون بأنه لم يفعل سوى ما أمره به الإسلام الذي يأمر المسلمين بالوقوف مع الحق ونصرة المظلوم. وقد كانت هذه المعلومة سبباً لدخول العامل الفلبيني إلى الدين الإسلامي. ترى هل يدرك المسلمون أهمية الجانب الإنساني والأخلاقي في الإسلام مثلما أدركه غير المسلمين ممن اعتنقوا الإسلام؟ إنني أشك في ذلك، فالكثير من المسلمين يتوقف عند جانب العبادات والطقوس ولا يتجاوز ذلك إلا قليلا. ولاشك أن جانب العبادات مهمٌ للغاية، لكن ذلك يجب أن يكون دافعاً للإنسان المسلم أن يتحلى أيضا بأخلاق الإسلام. ولعل شهر رمضان فرصة لمراجعة النفس وتصحيح جوانب التقصير في سلوكنا وتعاملاتنا. [email protected] - - - alawajh@ تويتر ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض