بالكلمة الطيبة يستطيع مجتمعنا المسلم أن يكسب قلوب وعقول الوافدين غير المسلمين ممن يقيمون في بلادنا. ولكن ما يحدث في الكثير من الأحيان هو عكس ذلك بسبب الشحن الذي يمارسه البعض ضد هؤلاء الأشخاص الذين هم في نظرهم مجرد «كفار» لا يستحقون منا حتى إلقاء التحية عليهم عندما نلتقي بهم ولا مشاركتهم في أفراحهم وأحزانهم! وقد سمعت في وقت سابق من أحد هؤلاء الذين أقاموا طويلاً في بلادنا أنه طوال عمله في السعودية لم يدخل بيتاً سعودياً ولا يعرف أي شيء عن الجوانب الاجتماعية في حياة زملائه السعوديين وأن كل العلاقات الاجتماعية التي عرفها وعائلته في السعودية كانت علاقات مع «أجانب» مثله! هذا تفريط وتعصب من جانبنا، وقد قرأت قبل مدة في إحدى صحفنا السعودية وأظنها جريدة «اليوم» مقابلة مع امرأة بلجيكية طاعنة في السن تبلغ من العمر اثنين وتسعين عاماً كانت في زيارة للمنطقة الشرقية من المملكة وروت قصة شخصية مؤثرة على جمع من النساء السعوديات وغير السعوديات. قالت السيدة البلجيكية إنها اعتنقت الدين الإسلامي في بلادها بلجيكيا وهي على مشارف التسعين من العمر بعد أن تأثرت عميقاً بالمعاملة التي تلقتها من عائلة مغربية تعيش في بلجيكا، حيث كان أفراد العائلة يلقون عليها التحية عندما يقابلونها في الطريق وهم لا يعرفونها ثم تطور الأمر بأن بدأوا بمساعدتها في أمورها الشخصية رحمة بها وتقديراً لعجزها وظروف شيخوختها دون أن يسألوها عن دينها أو مذهبها ودون أن يطلبوا منها أي شيء مقابل هذه الرعاية! تعلقت السيدة العجوز بهذه الأسرة الكريمة، وتطور الأمر مرة أخرى إلى أن اعتنقت الإسلام وارتدت الحجاب وبدأت تتعلم قراءة سورة الفاتحة وهي في سن الثانية والتسعين! ومنذ مدة تداولت بعض المواقع شريط فيديو لقسيس روسي كان يلقي موعظة في كنيسته بروسيا ويمتدح المسلمين. وكان مما جاء في موعظته أن المستقبل سيكون لهؤلاء المسلمين وأنهم سيرثون الأرض، حسبما جاء في الترجمة، وكان مدخله لتلك الموعظة هو أن صاحب سيارة أجرة كان يقوم بتوصيل سيدة عجوز إلى الكنيسة ويرفض أن يتلقى منها الأجرة توقيراً لسنها واحتراماً لالتزامها الديني بالذهاب إلى دار عبادة رغم أنها كنيسة وليست مسجداً. يجب أن نسأل أنفسنا: ما هو الانطباع الذي نرغب في أن نتركه في نفوس أتباع الديانات والمذاهب الأخرى عن أنفسنا وعن ديننا؟ إذا كنا نريد أن يكون هذا الانطباع إيجابياً فذلك لن يتحقق إذا كنا نمتنع عن تحيتهم ونشعرهم بالجفوة والنفور بل وأحياناً نشعرهم بالكراهية والدعاء العلني عليهم! الطريق إلى قلوب هؤلاء يبدأ بكلمة لطيفة طيبة وبالتبسم في وجوههم، وهذا لا يتناقض مع ديننا الذي يرفع من شأن «الإنسان» بل يدعو إلى الرفق بكل المخلوقات وليس الإنسان فقط. [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض