تأتي المناسبات العزيزة، مثل رمضان والأعياد، لنفرح بها فتغمرنا مشاعر هي مزيج من ذكريات شخصية بعيدة ومن تراكم العادات والتقاليد وطقوس وروحانيات مشرقة.. ومنذ أن تفتحت عيناي على دنيا القراءة وأنا أطالع عناوين ومانشيتات الصحف التي تصدر في العيد وفي رمضان وهي عناوين تكاد تكون ثابتة لا تتغير عبر السنين! عناوين تهنئ المسلمين بحلول رمضان أو العيد وتتفجع في الوقت ذاته على الواقع المزري للأمة العربية والإسلامية!. هذا ما سوف يحدث في رمضان الذي يطل علينا هذا العام وأمتنا العربية والإسلامية في أسوأ أحوالها. وإذا كنا قد أدمنا الشكوى من سوء الحال على مدى السنوات الطويلة الماضية فإن الأوضاع الحاضرة في معظم البلدان الإسلامية صارت من السوء بحيث لم يعد في اللغة ما يكفي من المفردات للتعبير عن ذلك السوء.. حالة الأمة العربية والإسلامية سيئة بالفعل! والجانب الأسوأ في هذه الحالة بالغة السوء هو أنَّ لا بارقة أمل تلوح في الأفق. عالمنا العربي والإسلامي يتهاوى وينحدر، وكلما تصورنا أننا قد بلغنا قرار الهاوية تنفتح علينا مصائب جديدة تأخذنا إلى الأعماق مرة أخرى. عندما حل «الربيع العربي» ظنت الشعوب العربية أن الأمة قد وجدت طريقها إلى الخلاص والانعتاق من مشاكلها التي حاصرتها على مدى العقود والقرون الماضية. لكن الفجيعة كانت عندما تبين أن ذلك الربيع لم يكن إلا خريفاً ذابلاً مروعاً. وها هي مصر وسوريا ولبنان واليمن وليبيا وتونس والعراق والسودان تغرق في العنف. أما فلسطين فلم يعد أحد يتذكرها، بل إن ما تبقى من تلك الفلسطين قد انشطر إلى فلسطينالشرقية تحت قيادة السلطة في رام اللهوفلسطين الغربية تحت قيادة حماس في قطاع غزة، فأي بؤس ذلك الذي نعيشه نحن العرب في هذا الزمان!؟. حتى العربي الذي يعيش خارج الوطن العربي، وكذلك المسلم، تلاحقه الصورة النمطية السيئة للعرب والمسلمين، فهو «إرهابي محتمل» حتى يثبت العكس!!. آخر ما تفتقت عنه الأذهان في بلاد العرب والمسلمين من صور تعذيب الذات وتحقيرها هو الإنزلاق إلى الطائفية والمذهبية والتمسك بما يُفَرِّق الأمة بدلاً مما يجمع. وكالعادة نُجَيِّر ذلك كله لحساب «المؤامرة» و»الأصابع الخفية» وكأننا دراويش لا نملك من أمرنا شيئاً ولا نستطيع مواجهة هذه المؤامرات التي نتفنن في تصويرها ورسمها وتخيلها!!. مباركٌ على أمتي شهر رمضان بالرغم من كل شيء، ودعاء من الأعماق أن يلطف الله سبحانه وتعالى بنا ويُصلِح أحوالنا. [email protected] - - - alawajh@ تويتر ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض