والمروية لمن لا يعرفها هي نوع من الأدب الشفهي الذي يتناقله الناس من جيل إلى جيل، وهي أي المروية (أخت) الشعر الشعبي والنبطي يتناقلها الناس غالباً في البوادي والقرى والمناطق الشعبية في المدن، وفي الوقت الذي ازدهر فيه الشعر الشعبي حتى بلغ من الكثافة واختلاط الحابل بالنابل والمبدع بالمدعي حتى اختلطت على الذائقة الألوان وكادت أي الذائقة تصاب بعمى الألوان لتوافر وسائل الإعلام المتعددة للشعر الشعبي ووجود المسابقات المغرية التي يهرول لها الشعراء لأنها تقدم جوائز مادية هائلة لم يحلم بها الشاعر الشعبي على امتداد العصور، أما بالنسبة ل(المروية) فقد اختفت من المشهد الشعبي، ولم يبق من رواتها سوى القليل، وقد كان (للرواية) وهو غير الروائي ولا القاص دور كبير وتقدير أكبر في المجالس العربية لأنه كان يمثل كل أنواع الثقافة الشعبية مجتمعة؛ فالراوية يقول الحكاية الشعبية بأسلوب مسرحي مشوق عبر الحركات والإشارات والإيماءات ثم يستشهد بقصيدة ملفتة لدعم مصداقية مرويته لدى المستمعين ثم يغنيها على الربابة، ولعلي هنا لا أتذكر من الرواة القدامى إلا الأصمعي وخلف الأحمر ثم غاب الراوية في الثلث الأخير من القرن الماضي، وأصبح ما بقي من الرواة يفدون إلى الأمراء وشيوخ القبائل وكرام الناس ومن هؤلاء الأمراء الكرام كان الأمير الراحل والشاعر المبدع الكبير محمد الأحمد السديري والذي كان شاعراً فذاً ترك ثروة من الشعر الجميل الذي يحتوي على الحكمة والمثل والوصف والغزل، وقد كان السديري - رحمه الله - بالإضافة إلى شاعريته المبهرة يحفظ أشعار من يفد إليه من الشعراء، وكذلك أشعار سابقيهم وكان - رحمه الله - يدون ما يعجبه من الشعر على يد الصديق ولده البار مشعل، وقد جمع كل تلك المرويات المكتوبة الصديق سليمان الحديثي الملقب بالأصمعي الصغير، وقد طرح كتاب المرويات قبل معرض الكتاب الأخير بالرياض، ولكن المؤسف حقاً أن الكتاب لم يحظ بالترويج ولا الدعاية ولا التناول رغم أهميته القصوى. فمتى نهتم بتراثنا قبل تراث الآخرين.