تتعرض كثير من المشروعات الناشئة في المراحل الأولى لإطلاقها لمشكلة نقص التمويل اللازم لدعم أهداف المشروع. وقد تكون بعض المشروعات منفذة بالفعل لكنها بحاجة لتمويل لتنمو وتحقق أهدافها. وغالبا ما تكون مصادر التمويل التقليدية كجمع أموال من أفراد الأسرة أو الأصدقاء أو صناديق الاستثمار أو البنوك اختيارا غير مناسب لعدة أسباب منها أن التمويل يكون أحيانا محدودا أو صغيرا جدا على بعض المستثمرين الكبار أو يكون صاحب المشروع لا يود التمويل المشمول بفائدة بنكية بسبب العبء المالي الذي تشكله أو لاعتبارات دينية. وتقدم «شكرة» دعم لأصحاب المشروعات لتمويل مشروعاتهم من خلال عرض المشروعات على شبكة من المستثمرين الموثوق بهم. وبذلك يحصلون على «رأس المال الذكي» الذي تنموا به شركاتهم . أطلق مصريان بوابة إلكترونية تعد من أوائل المواقع العربية التي توفر خدمة التمويل الجماعي المتوافق مع الشريعة لرواد الأعمال الذين لديهم أفكار لمنتجات أو خدمات ولا يستطيعون الخروج بها إلى النور لغياب التمويل. وقال شهاب مرزبان أحد مؤسسي البوابة التي أطلق عليها اسم «شكرة - شارك فكرة» «البوابة تسعى للجمع بين المبدعين الذين لديهم أفكار قابلة للتحول لمنتجات أو خدمات ناجحة وبين مستثمرين راغبين في ضخ أموال في هذه الأفكار.» وذكر مرزبان الخبير في التمويل الإسلامي والشركات الناشئة أن الاستثمار في المشروعات التي تنطوي على فرص نجاح كبيرة مثل فيسبوك أو جوجل في المرحلة الناشئة ظل قاصرا على المستثمر الكبير الذي لديه ملايين الدولارات ويتحمل مستويات المخاطرة شديدة الارتفاع. وأضاف «لكن عبر آلية التمويل الجماعي يستطيع عدد كبير من صغار المستثمرين ضخ أموال في مشروع إبداعي واحد وتقاسم آفاق الربح والمخاطر.» وتشير آلية التمويل الجماعي إلى اشتراك مجموعات من صغار المستثمرين في تمويل مشروع كبير عبر تقاسم حصص فيه. وشارك مرزبان في اطلاق بوابة «شكرة» عادل البوصيلي الخبير في تكنولوجيا المعلومات وصاحب مجموعة من المشروعات الناشئة في مصر. و يضم فريق العمل والمؤسسين بالبوابة مجموعة من أساتذة الجامعة المتخصصين في تقييم المشاريع التجارية وتكنولوجيا المعلومات وخبراء في القانون التجاري. ويرى مرزبان أن أهمية البوابة تكمن في أنها تسعى لسد فجوة تمويلية كبيرة في السوق المصرية. فيقول «هناك بنوك ومؤسسات مالية تمول المشروعات متناهية الصغر وأخرى تمول المشروعات الكبيرة بأكثر من مليون دولار... لكن المشروعات التي تحتاج بين 50 و300 ألف دولار لا تجد من يمولها.» «نحن نحاول سد هذه الفجوة باستهداف هذه الشريحة» ويقول «على الجانب الآخر هناك مستثمر يرغب في استثمار أموال بسيطة قد تبدأ من 50 ألف جنيه مصري. هذا المستثمر في الغالب لا يتاح له دخول مشروعات ناشئة ذات آفاق ربحية كبيرة... من خلال البوابة يستطيع أن يدخل هو وعشرات المستثمرين كمساهمين في تمويل مشروع أو أكثر.» وعن كيفية عمل الشبكة يقول عادل البوصيلي إنه تتم دعوة أصحاب المشروعات إلى طرح أفكارهم على إدارة البوابة ثم تقوم لجنة خبراء بتقييمها واختيار المناسب منها. ثم تطرح اللجنة الأفكار على شبكة مغلقة من المستثمرين كلهم أعضاء في البوابة وسبق أن وقعوا على اتفاقيات تضمن سرية الأفكار وعدم نسخها دون موافقة أصحابها. ويضيف أن الأفكار التي تقنع المستثمرين يتم تأسيس شركة لتنفيذها وتقسيمها إلى حصص مساهمة بين صاحب الفكرة والمستثمر وبين البوابة. وأشار البوصيلي إلى أن البوابة تشترط في الأفكار المقدمة لها أن تكون مسؤولة اجتماعيا ومتوافقة مع الشريعة الإسلامية وأن تناسب صيغة المشاركة الإسلامية. وقال إنه سبق لهم رفض فكرة كانت جيدة لكنها كانت مرتبطة بصناعة التبغ في مصر. وتقوم فكرة التمويل بالمشاركة في الاقتصاد الإسلامي على اشتراك الممول بحصة في المشروع أو العين موضوع التمويل وليس تقاضي هامش ربح في صورة فائدة. ويقول البوصيلي «بوابات التمويل الجماعي في العالم غالبا ما تقوم على تقاضي البوابة عمولة بمجرد نجاح الفكرة في جذب رؤوس أموال. ثم تخرج البوابة من الدائرة فتصبح كالسمسار. لكن نموذج شكرة مختلف.» «نحن شريك في المخاطر... المقابل الذي تتقاضاه الشبكة هو حصة من أسهم الشركة الناشئة. وبالتالي فالنشاط يتبع صيغة المشاركة الإسلامية. وهذا يعطي ثقة للمستثمر وللمبدع لأن مصلحتنا متواصلة معهم.» وعن مفهوم التمويل الجماعي يقول البوصيلي إن الفكرة نشأت في شكلها الحديث في مطلع القرن الحالي في الولاياتالمتحدة وأوروبا وإن إجمالي المشروعات الممولة بهذه الآلية عالميا بلغ 2.8 مليار دولار حتى الآن. ومن أبرز شركات التمويل الجماعي في العالم «كيك ستارتر» الأمريكية و»كراود سيركل» البريطانية. ويشير البوصيلي إلى أن دول العالم الإسلامي تكاد تخلو من شركات توفر خدمات التمويل الجماعي لرواد الأعمال. ويقول «بدأنا الفكرة من مصر لأننا نريد أن نبني على الثقل السكاني والإبداعي لمصر. لديك 80 مليون نسمة وأحد أعلى مستويات التعليم والإبداع في المنطقة.» ويضيف «مع نجاح المشروع في مصر سوف نسعى إلى التوسع في بلاد أفريقية وبلاد منظمة التعاون الإسلامي . السحب على المكشوف من ناحيه أخرى، دعا مصرفي البنوك والمؤسسات المالية الإسلامية إلى توفير بديل لمنتج السحب على المكشوف الذي توفره البنوك التقليدية مقترحا خمس صيغ تتيح «تمويل رأس المال العامل وفق الشريعة.» وقال محمد البلتاجي رئيس الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي في اتصال هاتفي مع رويترز «هناك طلب كبير على منتج السحب على المكشوف في قطاع الشركات في مصر ... لكن الشركات التي تفضل التعامل مع البنوك الإسلامية لا تجد بديلا شرعيا لهذا المنتج.» وقال إن الجمعية المصرية للتمويل الإسلامي استطلعت آراء عينة من العملاء في القطاع الصناعي والتجاري ووجدت طلبا كبيرا على أي منتج إسلامي لتمويل رأس المال العامل. وقال «على البنوك والمؤسسات المالية في مصر أن تسارع بطرح منتج يسد هذه الفجوة.» ورأس المال العامل هو الأصول والخصوم المتداولة للشركات. وتحتاج الشركات الصناعية والتجارية إلى ائتمان عاجل لسداد مصروفاتها التشغيلية لحين إنتاج وتسويق منتجاتها وتحصيل أرباح. وتوفر البنوك التقليدية هذا التمويل عبر حساب جار مدين يسمى السحب على المكشوف. ولفت البلتاجي إلى أن هناك عددا من الفتاوى التي تحرم هذا النوع من التمويل واقترح سد الفجوة بتصميم منتجات متوافقة مع الشريعة عبر خمس صيغ إسلامية هي المشاركة المتغيرة والمضاربة والتأجير ومرابحة ومشاركة الاعتمادات المستندية وبيع السلم. وقال عن صيغة المشاركة المتغيرة «يقدم المصرف الإسلامي التمويل دون اشتراط فائدة ... ويشارك المتعامل في الناتج الفعلي ربحا كان أو خسارة.» وفي حالة المضاربة يعقد اتفاق شراكة بين البنك باعتباره رب المال وبين طالب التمويل بوصفه صاحب الخبرة ويتفق الطرفان على تقاسم الربح والخسارة بنسب معينة بعد تمام المشروع. ووفق صيغة التأجير يقول البلتاجي إن البنك الإسلامي يستطيع شراء أصول ثابتة محددة بمعرفة المستأجر وتأجيرها له بعقد متوسط أو طويل الأجل وتسليمها له للانتفاع بها وتحسب الدفعات الإيجارية على فترة التعاقد كما يمكن أن يتغير عائد الربحية كل فترة خلال مدة التأجير. ويضيف أن الدفعات الإيجارية يجب أن تغطي الأموال التي دفعها البنك في شراء الأصل والقيمة التخريدية للأصل وهامش ربح مناسبا هو عائد المصرف خلال مدة الإيجار. والقيمة التخريدية هي القيمة المتوقع الحصول عليها من بيع الأصل أو الاستغناء عنه في نهاية عمره الإنتاجي. وحسب صيغة مرابحة الاعتمادات المستندية يقوم البنك بشراء المواد الخام أو المعدات اللازمة للمشروع عبر اعتمادات مستندية وتملكها ثم بيعها إلى المتعاملين والحصول على التكلفة وهامش الربح على أقساط. ويمكن أيضا أن تأخذ هذه الصيغة شكل المشاركة حيث يشارك العميل البنك في شراء البضائع فيستفيد البنك بالحصول على خصم من المورد ومن الإعفاءات الجمركية لبعض المتعاملين ويتقاسم الربح والخسارة بنسب متفق عليها مع العميل نظير التمويل. واقترح البلتاجي الأخذ بصيغة بيع السلم أيضا وهي صيغة تجارية فقهية تشمل دفع العميل ثمن البضاعة آجلا واستلامها في المستقبل.