على الرغم من نشأة البنوك الإسلامية الحديثة قياساً إلى البنوك التقليدية، إلا أنها أثبت حضوراً متميزاً منذ بداياتها، واستطاعت أن تنافس البنوك التقليدية بقوة، بل تجاوزت ذلك وفقاً لكثير من المختصين والمتابعين، كما تمكنت من طرح منتجات وحلول مالية وفقاً للشريعة الإسلامية، واستقطبت زبائن من مختلف الثقافات والأديان، خصوصاً على ضوء طرحها حزم متنوعة من الخدمات والمنتجات التي وجد كثيرون ضالتهم فيها، عدا عن تميز كثير من منتجاتها وخدماتها بالطابع الابتكاري. هنا محاولة للإطلالة على خدمات ومنتجات البنوك الإسلامية. أولاً: الخدمات المصرفية التي لا تشمل عمليات استثمارية او ائتمانية. يتم تنفيذ هذه الخدمات المصرفية للعملاء بأسرع وأيسر أسلوب باستخدام التكنولوجيا الحديثة، ويتم أخذ أجر مقابل تنفيذ هذه الخدمات، وهي نفس الخدمات المؤداة في المصارف العادية التقليدية مع بعض الاختلاف البسيط. وتشمل هذه الخدمات ما يلي: أ- الاعتمادات المستندية: وهي من أهم الخدمات المصرفية حيث تتعلق بالاستيراد والتصدير وتتم بأن يتقدم العميل إلى البنك الإسلامي من أجل سداد ثمن مشتريات بضائع من الخارج، ويقوم البنك بموجبه عن طريق شبكة مراسلين بسداد قيمة البضاعة بالعملة المطلوب السداد بها. وتنفذ الاعتمادات المستندية من خلال أسلوبين: 1- تتم تغطية قيمة الاعتماد بالكامل من قبل العميل ويقتصر دور البنك على الإجراءات المصرفية لفتح الاعتماد لدى البنك المراسل وسداد قيمة الاعتماد بالعملة المطلوبة. 2- تنفيذ الاعتماد كإتمان مصرفي حيث يقوم العميل بسداد جزء من الاعتماد ويقوم البنك باستكمال سداد قيمة الاعتماد. وتنفذ عملية فتح الاعتمادات من قبل البنوك الإسلامية من خلال صيغ المرابحة أو المشاركة. وتعتبر الطريقة الأولى والتي تقوم على فتح الاعتماد كخدمة مصرفية جائزة شرعاً وتندرج تحت شروط وقواعد الوكالة والإجارة حيث يتقاضى البنك الإسلامي عن القيام بها أجراً. أما الطريقة الثانية والتي تقوم على فتح الاعتماد كإتمان مصرفي فهي جائزة أيضاً لكنها تندرج تحت شروط وقواعد البيوع. ب- خطابات الضمان: تعرف الموسوعة الحرة خطاب الضمان بأنه تعهد كتابي يصدر من البنك بناءً على طلب العميل بدفع مبلغ نقدي معين أو قابل للتعيين بمجرد أن يطلب المستفيد ذلك من البنك خلال مدة محددة ويجوز امتداد الضمان لمدة أخرى وذلك قبل انتهاء المدة الأولى. أهمية خطاب الضمان: تعتبر من الأنشطة المصرفية الهامة وخاصة في مجال التعاقدات والمقاولات والعطاءات. وتشمل خطابات الضمان الأنواع التالية: خطاب ضمان ابتدائي، خطاب ضمان نهائي، وخطاب ضمان دفعة مقدمة. وينظر إلى خطاب الضمان من زاويتين: الأولى: إذا سدد العميل كامل المبلغ ولا توجد عملية ائتمانية يصدر البنك خطاب الضمان. الثانية: إذا لم يسدد العميل كامل المبلغ، وهنا يجب أن يغطي المبلغ المتبقي من البنك من خلال إحدى الصيغ التمويلية المشروعة. وتبرز مشكلة شرعية بالنسبة للعائد الذي سيحصل عليه البنك الإسلامي لقاء إصداره لخطاب الضمان، فقد قرر الفقهاء عدم جواز أخذ العوض على الكفالة لأنها عمل من أعمال المروءة أو لأنه في حالة أخذ عائد على خطاب الضمان فان ذلك يشبه القرض الذي جر نفعاً وهو محرم شرعاً. وأجازت هيئة الفتيا في البنوك الإسلامية كما يقول الباحث يوسف كمال محمد: بأخذ الأجر على خطاب الضمان بغطاء، باعتبار أنه عمل من أعمال الوكالة ولم تجزه على خطاب الضمان بدون غطاء. ج- الأوراق المالية: تتعامل البنوك الإسلامية في عمليتها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بالأوراق المالية التي تشمل: 1- الأسهم: التي هي عبارة عن حصة في الشركة المصدرة لها ويحصل أصحابها على عائد سنوي من الأرباح. وتشمل الخدمات التي يقدمها البنك الإسلامي في هذا المجال: حفظ الأسهم مقابل أجر، بيع الأسهم لصالحه أو لصالح غيره مقابل عمولة، القيام بأداء عملية الاكتتاب للشركات الجديدة وأخذ الأجر، صرف أرباح الأسهم نيابة عن الشركات المصدرة لهذه الأسهم وبأخذ أجر مقابل ذلك أيضاً. 2- صكوك المشاركة: سواء المطلقة أو المقيدة أو صكوك الإجارة المنتهية بالتمليك أو صكوك تمويل رأس المال العامل. 3- صكوك المضاربة الشرعية. 4- صكوك البيع التأجيري. وهنا من المفيد أن نلفت اهتمام القارئ الكريم إلى أن البنك الإسلامي لا يتعامل بالسندات، لأن لها عائداً عبارة عن فائدة ثابتة وهذا محرم. د- الأوراق التجارية (وتشمل: الكمبيالات، السند الأذني، الشيك). وهذه الأوراق عبارة عن سند يثبت فيه المدين للدائن تعهداً بدفع مبلغ معين أما بنفسه أو عن طريق شخص آخر في تاريخ معين. وتقوم البنوك الإسلامية بتقديم بعض الخدمات المتعلقة بالأوراق التجارية إذا كانت مشروعة مثل: 1- تحصيل الأوراق التجارية مقابل أجر على أساس الوكالة. 2- قبول الأوراق التجارية كضمان. 3- حفظ الأوراق التجارية مقابل أجر. ولا يقوم البنك الإسلامي بعملية خصم الأوراق التجارية لأنها تعتمد على سعر الفائدة والذي يمثل الربا. ه- الصرف الأجنبي أو بيع وشراء العملات: حيث يتم بيع وشراء العملة فوراً وتسديدها للبنك المراسل في حالة الاعتمادات المستندية أو تسليمها للمتعامل في حالة البيع النقدي وتستفيد البنوك الإسلامية من فرق العملة بين سعر الشراء وسعر البيع وتأخذ أجراً مقابل تحويل العملات للخارج. و- السحب على المكشوف: لا يجوز أخذ فائدة على هذه الخدمة وتعتبر من قبيل القرض الحسن لمدة معينة، وإذا تجاوز هذه المدة يتم تنفيذ الخدمة وفق أحد صيغ التمويل المشروعة. ز- تأجير الخزائن الحديدية للعملاء لحفظ ممتلكاتهم من المجوهرات والأشياء الثمينة الأخرى وتتم هذه الخدمة مقابل أجر. ح- بطاقات الفيزا: تستخدم بطاقات الفيزا في سداد قيمة مشتريات العملاء أو دفع تكاليف الخدمات مثل الفنادق أو ثمن تذاكر الطائرات أو ما شابه ذلك. ولا يجوز في البنوك الإسلامية استعمال هذه البطاقات في السحب النقدي لأنها لا تأخذ فائدة، وإذا تمت فهي في أضيق الحدود وتعتبر قرضاً حسناً. ط- الحوالات: وهي خدمات تحويل الأموال إلى مناطق أخرى وتتم من قبل البنك الإسلامي مقابل أجر. ي- شراء وبيع الشيكات السياحية للعملاء مقابل الأجر. ك- الحسابات الجارية: وهذه الخدمة تتيح للعميل حفظ أمواله في البنك مع إمكانية سحبها أو سداد أي التزام مالي عليه من خلال خدمات الصرف الآلي وتعتبر هذه الحسابات بمثابة قرض على البنك الإسلامي يقوم باستثماره ويضمن رده إلى صاحبه وعائد الاستثمار للمساهمين وليس لصاحب الحساب. ثانياً: صناديق الاستثمار الإسلامية تشهد صناديق الاستثمار الإسلامي تطورا هائلا وهي من أهم أوعية استثمار المدخرات لدى العملاء، وتنبع أهميتها من أنها تحشد مدخرات صغار المدخرين وقليلي الخبرة في الاستثمار. وصناديق الادخار، هي محافظ أو أوعية ادخارية لتجميع المدخرات البسيطة حيث يتولى الصندوق استثمار هذه الأموال من خلال توزيعها على مختلف الأسهم والمحافظ وغيرها من أدوات الاستثمار، بحيث يصبح المستثمر مساهماً في جميع ما يستثمر فيها ويحصل المستثمر على استثمارات متنوعة، ويضمن توزيع المخاطر وتحقيق عوائد مناسبة، ويكون صندوق الاستثمار إسلاميا عندما تلتزم إدارته بالضوابط الشرعية في الاستثمار. مميزات الصناديق الاستثمارية الإسلامية 1- تقبل المدخرات الصغيرة للفقراء وأصحاب الدخل المحدود. 2- يتم الاستثمار وفق الأساليب والمجالات المشروعة. 3- التنوع: تتيح للمدخر تخصيص أمواله في استثمارات متنوعة بطريقة تؤدي إلى تحقيق التوازن بين المخاطرة والعائد حيث توفر الأمان والاستقرار في العائد بسبب أنها توزع الأموال على استثمارات مختلفة ومتنوعة. 4- إدارة متخصصة ذات مهارات عالية. السيولة: توفر سيولة لأصحاب المدخرات بتكاليف متدنية. 6- ارتفاع معدل العائد. أنواع الصناديق الإسلامية: 1- صناديق الأسهم الإسلامية وتستثمر الأموال في الشركات التي يكون أساس نشاطها مباح. 2- صناديق السلع وتهتم هذه الصناديق في الاستثمار بالسلع بحيث يقوم بشراء السلع بالنقد وتبيعها بالأجل ومعظم نشاط هذه الصناديق الاستثماري يتم في أسواق السلع الدولية وتقتصر السلع التي يتم شراؤها بتلك السلع التي لها أسواق بورصة منظمة مثل: البترول والنحاس والألمنيوم. و نلاحظ أنه استثني الذهب والفضة لأنهما من النقد ولا يجوز المتاجرة بالنقود. ويتم تنفيذ العمليات المتعلقة بالمتاجرة بالسلع من خلال صيغ التمويل الإسلامي المشروع. 3- صناديق التأجير: ويقوم على امتلاك صندوق الاستثمار أصول مؤجرة مثل: معدات سيارات، وطائرات بحيث يتولد الدخل من خلال الإيرادات الإيجارية. وختاماً نقول إن الصناديق الاستثمارية هي أحد الأوعية الادخارية المهمة لتجميع الأموال وتمثل فرصة استثمارية مناسبة للعملاء الذين تنقصهم الخبرة وليست لديهم مقدرات مالية كبيرة، كما أنها تعتمد وسيلة للتعامل مع البورصات والأسواق المالية، وهي تمثل أحد المنتجات المالية غير التقليدية الرئيسة للبنوك الإسلامية حيث تنشئ هذه البنوك أنواعاً مختلفة من الصناديق الاستثمارية تشمل كافة النشاطات الاقتصادية المشروعة. وهناك حرية للمستثمر ببيع حصته ومساهمته بالصندوق، أي حصوله على السيولة ويعتمد ذلك على نوعية الصندوق هل هو مغلق أو مفتوح، فإذا كان مغلقاً لا يتم تحديد سعر الوحدات الاستثمارية إلا في نهاية المدة، لكن يمكن التعرف على السعر من خلال التداول. أما إذا كان مفتوحاً فيحدد سعر الوحدة الاستثمارية الذي على أساسه يمكن للمستثمر أن يدخل أو يخرج من الصندوق.