خير ما ورَّث الرجالُ بنيهم أدبٌ صالح وطيب ثناءِ من سعادة الإنسان في هذه الحياة أن يرزقه الله ذرية صالحة تقر عينه بهم وتخلفه بعد رحيله عن الدنيا، مع البسط في رزقه، وتحبيب الإنفاق منه في أوجه البر والإحسان إلى مستحقه من عشيرته ومن له صلة رحم به: وإذا رزقت من النوافل ثروة فامنح عشيرتك الأداني فضلها بل وبالإحسان للفقراء والأيتام، ولذوي الاحتياجات الخاصة.. وحفظة القرآن الكريم، والمتمسكين بهدي سيد المرسلين محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وغير ذلك من الأعمال الخيرية والإنسانية، فمن أولئك الرجال الأخيار الشيخ محمد بن صالح بن سلطان الذي فُطِرَ على الكرم وحب البذل بيد سخيّة.. حيث كان يَهُبُّ لنجدة بعض الأقطار المنكوبة منذ عقود طويلة من الزمن كالجزائر وغيرها من البلدان الشقيقة التي تُصاب بالكوارث أو بالجفاف حينما تشح مياه الأمطار، أو خلاف ذلك من الجوائح الطارئة، فيتبرع لهم بسخاء باذخ.. - رحمه الله - فهو لا يفوته يومٌ فيه شرف رجاء المثوبة من رب العباد، ولقد وهبه المولى بسطة في الرزق وصلاحاً في العَقب، ووفقه الله في زوجة صالحة قدوة في الاستقامة تحثّ على صلة الرحم، والتواصل فيما بين الأسر والجيران، وتُوجه التوجيه الأمثل لأبنائها وبناتها حاثةً على ترسم خطى والدهم بالأعمال الخيرية وبالتواضع الجمّ، كما أنها - متعها الله بالصحة - تساهم في العطف على المحتاجين وقاصديها متذكرةً قوله تعالى: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}، وفي الأثر (صنائع المعروف تقي مصارع السوء). وتحثهم بالاستمرار على ذلك مرددة معنى هذا البيت: لعمرك ما الأيام إلا معارة فما اسطعت من معروفها فتزود فهي دائمة الحرص والتأكيد على أبنائها وبناتها بتنفيذ ما أوصى به والدهم الشيخ محمد بن صالح من أعمال ومشاريع خيرية على الدوام، وقد فعلوا ذلك بحمد الله وتوفيقه.. وهكذا تعمل الأمهات الصالحات: الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق فاستمروا في رعاية حفظة القرآن الكريم بالمدارس التي أسسها والدهم تحت مُسمى (المدارس الصالحية لتحفيظ القرآن الكريم للبنين والبنات بحريملاء) منذ أكثر من ثلاثين عاماً أي في عام 1400-1401ه، ومثلها في النظام المدرسة الواقعة في حي العريجاء بالرياض، وفي عام 1408ه تم فتح مدرسة للبنات في الحي الجديد بحريملاء، مع تشييد مبنيين فخمين للمدرستين وتأمين حافلات لنقل الطلاب من أماكنهم إلى المدارس ثم إعادتهم إلى بيوتهم، فالمدارس الصالحية كلها خير وبركة، وقد تخرّج فيها أعدادٌ كبيرة من حفظة القرآن الكريم بنين وبنات.. فنشاط أُسرة الشيخ محمد بن صالح - يرحمه الله - لم يقتصر على مدارس تحفيظ القرآن الكريم بحريملاء والرياض، بل إن لهم مساهمات ونشاطات عدّة في دعم عشرات الجمعيات وحِلق المساجد في أنحاء المملكة العربية السعودية التي تُعنى بالقرآن الكريم وحفظه. كما أن لهم نشاطاً متميزاً في دعم وإمداد الجمعيات الخيرية لرعاية الأيتام والأرامل والأسر الفقيرة وغيرهم على مستوى الوطن، فمؤسستهم غيمة خير ضافية غزيرٌ هطولها على مستحقيها، كما لا تخفى جائزة الشيخ محمد بن صالح بن سلطان للتفوق العلمي والإبداع في التربية الخاصة للبنين والبنات على مستوى المملكة العربية السعودية في عامها التاسع التي سيُجرى حفلها مساء يوم الثلاثاء 6 جمادى الآخرة، وذلك في قاعة المحاضرات بفندق الريتز - كارلتون الرياض -، فجائزة هذا العام تزهو برعاية صاحب السمو الملكي الأمير مشاري بن سعود بن عبد العزيز أمير منطقة الباحة، الذي عُرف عنه التواضع الجم والنشاط المستمر في تطوير منطقة الباحة، وهذا لا يُستغرب على أمثاله من أبناء الأسرة المالكة في ظل حكومتنا الرشيدة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وسمو لي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبد العزيز، وسمو النائب الثاني الأمير مقرن بن عبد العزيز وفقهم الله جميعاً، وطبيعياً سيكون الحضور مميزاً بحسن اختيار المدعوين من وجهاء المجتمع وحضور أولياء أمور الطلبة والطالبات المتفوقين، مما يكون له بالغ الأثر في نفوس المكرمين وأولياء أمورهم، وبهذه المناسبة المباركة المتكررة سنوياً لا يسعني إلا أن أُهنئ وأبارك لأسرة الشيخ محمد على استمرار هذا النهر الجاري الذي يرتوي من حلو رضابه مئات الطلاب والطالبات على مَر الأعوام المتتابعة، وفقهم الله لمساعي الخير، وجميع العاملين معهم، - وتغمد الله أبا سلطان بوسع رحمته ومغفرته -.. و: غداً توفى النفوس ما عملت ويحصد الزارعون ما زرعوا - حريملاء