مَنْ مِنَّا (من الجنسين معاً) لم تكن لديه أمنية في هذه الحياة؟ ومَنْ مِنَّا لم يبذل الغالي والنفَّيس في تحقيق هذه الأمنية -ومَنْ مِنَّا لم يطرق الأبواب المتعدِّدة حتى يحصل على أمنيته وهدفه وغايته حتى يكون أولا يكون في هذا المجتمع المعطاء. إن كل إنسانٍ مِنَّا في هذه الحياة يمتطي سفينة المستقبل التَّي لا تخلو من المخاطر والصّعاب والتّعب والعناء والمشقة فيجب على المرء الاحتراس والتّأنِّي والتّريث ويمشي متمهَّلا حتى تتحقق له الأمنية بعد مشيئة الرَّحمن. إن كل إنسان في هذه الحياة في مخيلته أمنية يسعى لها بكل ما أعطي من قوَّة ونشاط وهمَّة وإصرار وعزيمة لايقاس لها حدود في تحقيقها سواء كان على النّطاق الوطني أو الإنساني أو الاجتماعيِّ أو الاهلي أو الشّخصيِّ. فالأمنيات لم تتحقق بالقول فقط، بل لا بُدَّ من العمل والبحث والتنقيب الجاد عن كافَّة مصادرها وعن أبوابها حتى يتم الحصول عليها. كما قال تعالى في محكم كتابه الكريم {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}. وكما قال الشّاعر الحكيم: كما واثقٍ بالنفسَ نَهَّاضٍ بها سادَ البَريةَ فيهِ وهو عِصامُ وليس عجباً أن تسمع وتشاهد وتقرأ عن طموح المرأة في هذه البلاد الكريمة التي يتحلَّى بالعزيمة والإصرار والكفاح والحماس وطول البال وسعة الصدر الذي ليس له حدود سواءً في طلب العلم والمعرفة أو الارتقاء في المراكز المتقدمة علماً أن الطّموح ليس مقتصرا على فئة الرجال فقط وإنما المرأة لها طموح لا يقل أهمِّيَّة عن الرجال إذا لم يكن أكثر تطلعاً واهتماماً فنظرة عين المرأة إلى الأعلى كبيرة وبعيدة المدى، حيث إن العين إذا اعتادت على ذلك قادتها النفس إلى الامام فظهر جلياً واضحاً للأعيان بأسلوب أنيق حتى تتعادل قوى النفس، وحتى تشعر بتفوقها وطموحها وحماسها معاً، إن المرأة قوة فوق كل قوة فهي الداعم والمساند الثَّاني بعد الرجل للأمَّة بعطائها وطموحها وتطلعاتها إلى القمة... حيث إنَّها ولله الحمد والمنّة في هذه البلاد الطَّيبِّة تسعى جاهدة بكل ما تملك من علم ومعرفة وحكمة ودراية ونشاط وهمة وطاقة وحيوية رغم امكانيتها المتاحة في تحقيق ماتطمح إليه من تقدَّم وعلو في هذه الحياة وتحاول بشتَّى الوسائل المتوفرة إليها من تطور وارتقاء وتطلع إلى تحسين مستواها العلمي والعملي في كافة المجلات المتاحة لها وفي حدود خصوصيتها من خلال الالتحاق بالدورات وورش العمل والحرص على حضور الندوات والمحاضرات واللقاءات والمؤتمرات الداخلية والخارجية ومواصلة التعليم أولاً بأول وتطوير النفس والذات بالممارسة والاعتماد بعد الله على القدرات العلمية والعملية والحصيلة الفكرية إلى جانب تقبلها كافة الارشادات والتوجيهات البناءة والهادفة من قبل مرؤوسهن بسعة صدر حتى نلمس من تلك المرأة العاملة الاحساس بوعي المسؤولية التي حيلت لها وهي مسؤوليَّة لاتفارقها الدِّقَّة والضبط والاحكام والامانة والاخلاص، وكلما ترى ابجديات الارتقاء الحضاري تتجلى بها - فإنها تبرز كافة حقائق الارتقاء وتتداعى للمشاهد وللزائر وللمراجع أنها رقيقة من غير تكبرُّ واثقة في نفسها دونما غرور أو علو، متواضعة بدون تصنع فهنيئاً لمن رزقه الله هذه الصفة العظيمة التي هي من أفضل الاخلاق واحسنها وقورة كما يليق وفي حدود ماينبغي من دون زيادة في عينيها تحفز الجادات والحديثات على العمل والعطاء بدون كسل أو ملل وتغرس ابجديات الجد والاجتهاد في النفوس فالمجتمع النسائي كحروف الهجاء ترتبط ألفه ببائه ارتباطاً قريباً وترتبط ألفه بيائه ارتباطاً بعيداً وكلها تكوّن نظاماً واحداً - تكوّن أسرةًواحدةً في عمل متكامل كخلية النحل - لكن أديم وجهها يفيض بالوداعة والطيبة والبشاشة التي تغمر المكان سحرا وجمالا ووهجا وجودة ومعنى، وكلما اجادت تلقى الاحترام والتقدير من كافَّة الجهات المعنية بها. عندما تمكنت بعد الله من لملمة حيثيات هذه الأمنية الجامحة احببت أن أعطي حبيبي القارئ الكريم نبذة قصيرة ومتواضعة عن طموح المرأة بشكل عام في بلادنا المترامية الأطراف بأسلوب أدبي إذا أمكن ذلك. فعندما يتحقق الأمر لأي امرأة في بلادنا على وظيفة (ما) سواءً في القطاع الحكومي أو القطاع الأهلي فإنها تعتبر هذا الأمر في نظرها ونظر غيرها أمرا في غاية الأهمية لديها - لأنها تجد أن كافَّة الصّعاب التي تقف عثرة في طريقها قد زالت وتحطمت رويداً رويدا ولاحت لها في الافق بارقة أمل بعد إرادة رب العباد حيث جعل لها مخرجاً ومتنفساً يتنفس فيه الصعداء لها من حيث لا تحتسب عمل لم يكن بالأمر اليسير لولا جهود تعمل في الخفاء ليلاً نهاراً وتسعى بكل ما اعطيت من صلاحيات وأوامر تخدم أبناء وبنات هذا الوطن المعطاء حتى تتحقق لهم آمالهم وأمنيتهم المنتظرة التي كانوا يترقبونها بفارغ الصبر حتى تترجم طموحاتهم وآمالهم معاً بالرقي بالوطن والرفع من شأنه بين الأمم التي تسابق الزمن بخطى ثابتة وبعزيمة جادة وإرادة نزيهة ورؤية ثاقبة وذلك بسواعد أبناء الوطن. ولكن مشاعر وفرحت تلك المرأة. بهذا العمل لا توصف وسعادتها لا تقدر بثمن، حيث يقف اللسان عن التعبير وعن المشاعر والأحاسيس في تلك اللحظة عاجزاً عن جمع حسن الألفاظ وقوتها, وعن كافة العبارات والكلمات الجميلة وغايتها، وجودة المعنى وصحته ويقف القلم صامتا لا يتحرك فالشعور بالله جزء مكون لحياتنا كسائر ما ندرك بالشعور - فعندما ينعدم الشعور والأحاسيس تكون الحياة جافة بما تعنيه الكلمة من معنى وهدف لا طعم لها - بل لم تكون حياة أصلاً. بعد سنوات من البحث والانتظار الطويل والترقب الدائم والأمل المستمر سادها سعادة لا تقدر بأي ثمن كان بعد أن تمكنت من مسك أوَّل خيوط النجاة حيث إن سعادتها لا تقتصر على أفراد أسرتها فقط بل تعد الامر إلى أبعد مما كان فهذه مشاعر وأحاسيس امرأة وضعتها في قالب أدبي متواضع عبر أسطر نثريَّة بعد أن تحقق لها الهدف والمقصد الذي كان شغلها الشاغل وحلمها الدائم وأمنيتها الجامحة منذ فترة ليست بالقصيرة لكي يتحقق لها فرصة العمل ولكي تستفيد من العائد المادي الشهري الذي يقف سداً منيعاً عن عوز الحاجة ويجعلها بالتالي بعيدة كل البعد عن سلبيات الفراغ ومضاعفاته وعن البطالة التي تسري في أعماق جسد الأمة واضرارها. فعندما تتحقق بعض الأمنيات والأهداف لأفراد الأمة فإن كافة العوائق بشتى أنواعها وصورها تذوب وتجعل عامل الاستقرار والسَّلام يسود والخير يعم ويدوم فإن أحبَّ النَّاس إلى الله أنفعهم لعباده وقد قيل - أصعب ما في هذه الحياة بين الناس هو فعل الخير وليس ترك الشر. والله الموفق والمعين.