من المشاهد السلبية التي اعتدنا رؤيتها في المساجد يومياً وفي صلاة الجمعة تحديداً، كثرة تخطي رقاب المصلين إلى الصفوف الأمامية من المسجد، فكثيراً ما نرى المصلين المتأخرين عن الصلاة يأتون من أقصى المسجد ويبدؤون في تخطي الصفوف أثناء الخطبة ويقومون بالتفريق بين الجالسين المتجاورين للمرور بينهم وقد يكون هذا باستعمال أيديهم ومباعدة أجسامهم بعضها عن بعض أو برفع أرجلهم بجانب أكتافهم أو رقابهم أو رؤوسهم لتجاوزهم لمزاحمة من أتى مبكرا من المصلين على الصفوف الأمامية، وكما روي عن الحسن -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- رأى رجلا يتخطى رقاب الناس فقال له: آذيت وآنيت، يعني تأخرت في المجيء وآذيت الناس بتخطيك رقابهم، مما يتسبب في تشتيت ذهن المصلين ومضايقتهم عن الإنصات والاستماع للخطبة، وفي حديث آخر رواه أحمد والطبراني، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: إن الذي يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة ويفرق بين الاثنين بعد خروج الإمام كجارّ قصبه في النار، وهذا تصرف منهي عنه وغلظ النبي عليه الصلاة والسلام النهي فيه وأخبر أن من فعله فقد اتخذ جسراً إلى جهنم لما في ذلك من أذية الناس وإساءة الأدب، ولو أن هؤلاء المتخطين كانوا حريصين على الصفوف الأولى لحضروا إلى المسجد مبكرين، فإنه أحب لشاهد الجمعة التبكير إليها مع الفضل دون أذية غيرهم من إخوانهم المصلين، وما روي عن الشيخين عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا -أي يقترعوا عليه- لاستهموا. ناهيك عن حضورهم المتأخر فإنهم يقومون بإيقاف سياراتهم وقوفاً خاطئاً وسط الطريق فيتسبب أيضاً في أذية أخرى للمارة بسبب إغلاقهم الشارع، فضلاً عن تسببهم في عرقلة حركة السير، فأصبح هذا الوضع معتاداً نراه في كل صلاة جمعة بل حتى في باقي الفروض الأخرى والتي نتمنى من مشايخنا الأفاضل وأئمة المساجد -وفقهم الله وسددهم لكل خير- أن يولوا هذا الجانب الكثير من الاهتمام والإيضاح، وهناك أيضاً الكثير من السلبيات التي يجب التطرق لها وعدم نسيانها من الممارسات الخاطئة والمزعجة التي تتكرر بشكل شبه يومي في أحيائنا وشوارعنا بلا حسيب ولا رقيب والتي تمارس غالباً من فئة الشباب، فمثل هذه القضايا يجب أن تعطى المساحة الكافية وبيان أحكامها الشرعية للمجتمع وذلك بمعالجتها بالتركيز عليها من خلال التوعية المستمرة في خطب الجمعة، بلحث بالابتعاد عن كل الممارسات والسلوكيات التي تسيء وتشوه حضارة البلد، وذلك بالتوضيح عبر منابر المساجد بالتوجيه السليم بالنصح والإرشاد. [email protected]