شاعت داخل الحرمين الشريفين والمساجد ما يسمى ب«حجز الأماكن»، وهو أن أحدهم يحجز مكانا معينا لنفسه داخل الحرم أو المسجد بسجادة ليتمكن من الحضور متأخرا، وبعضهم، وخاصة في الحرمين الشريفين، يستأجر آخر ليبقى مكانه حتى وصوله، وخاصة في شهر رمضان أثناء صلاة التراويح. كثير من المسلمين بدأ يسأل عن حكم ذلك، وهل يقلل ذلك من أجر المصلي؟، وكانت آراء العلماء والمختصين في الشريعة في سياق السطور التالية: الفاعل آثم مفتي عام المملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ: لا يجوز حجز الأماكن في الصفوف الأولى لأشخاص يأتون متأخرين للصلاة في المسجد الحرام أو المسجد النبوي، أو لا يدخلون المسجد إلا عند الإقامة، مشيرا إلى أن الدافعين للمال من أجل الحجز لهم آثمون، والحاجزون آثمون، ومن سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به، هؤلاء الذين يحجزون الأماكن في الصف الأول ويدفعون مبالغ مالية مقابل الحجز لهم في الصف الأول سعر معين، والصف الثاني مبلغ كذا، يجلس في المكان وإذا جاء صاحبه قام عنه، هذا الذي يدفع المبلغ ليحجز له لا يحضر للصلاة إلا عند إقامة الصلاة. وأقول لمن يقول إنه لا يستمتع بالصلاة إلا خلف الإمام لذا فإنه يحجز المكان: ليعلم هذا أن ليس له من الأجر إلا بعد مجيئه المسجد، ورب من كان في المصابيح أو الدور الأعلى أسبق منه علما بتقدمه، ولهذا من أتى المسجد تصلي عليه الملائكة، فالذي لا يأتي إلا مع الإقامة أو يوم الجمعة لا يأتي إلا عند دخول الخطيب تطوي الملائكة الصحف وتستمع الذكر. لا يجوز لهؤلاء حجز الأماكن، ولا يجوز لأي مسلم أن يدفع مبلغا ماليا لمن يحجز عنه، التقدم ليس بالمكان، التقدم بالإتيان مبكرا، فمن أتى مبكرا ولو في آخر الصفوف أفضل ممن لم يأت إلا متأخرا ولو كان في المقدمة. اغتصاب المكان وفي فتوى للراحل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز يقول فيها: المسجد لمن سبق، فلا يجوز لأحد أن يحجز مكانا في المسجد، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا)، أي: لاقترعوا، فحجزه أمر لا يجوز، وغصب للمكان، ولا حق لمن غصبه، فالسابق أولى منه وأحق به حتى يتقدم الناس إلى الصلاة بأنفسهم. حرمان الأحق وفي فتوى أخرى للراحل الشيخ عبد الله الجبرين يقول فيها: لا يجوز حجز الأماكن في الصف الأول مثلا، بحيث يكون الحاجز نائما في بيته أو مشتغلا بتجارته، فإنه يحرم من هو أحق منه من أهل الفضل وأهل الأحلام والنهى، الذين هم أحق بالصف الأول وبالقرب من الإمام، لكن إذا تقدم الإنسان وجلس في الصف الأول ثم بدا له حاجة خفيفة كتجديد وضوء وحاجة الإنسان إلى التخلي فهو أحق بمكانه إذا لم يطل خروجه، فقد ورد أن من قام من مكانه ثم رجع إليه فهو أحق به وورد النهي أن يقيم الإنسان أخاه ثم يجلس مكانه.