في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي وحين كانت الإمبراطورية البريطانية تتسلل عبر الثغور البحرية على ضفة الخليج العربي الغربية للبحث عن موطئ قدم لها - وإن بشكل خفي - داخل حدود الدولة العثمانية، لم يكن ذلك إلا مقدمات لتمزيق الدولة العثمانية واستعمار أجزاء منها، هكذا هي سياسات القوى الطامحة في الهيمنة والاستحواذ، مؤامرات أو حيل أو خداع لا يهم، في النهاية هي سياسات تحقق أهدافاً إستراتيجية خططت بعناية ودقة. إن سياسات الهيمنة والاستحواذ تبقى فعلاً سياسياً يمارسه البشر في كل زمان ومكان، وإذا كان الوطن العربي خرج من سلطة الدولة العثمانية إلى الاستعمارين البريطاني والفرنسي ثم هيمنة الولاياتالمتحدةالأمريكية والاتحاد السوفييتي فإننا لا ننسى أن نشأة الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي جاءت متواكبة مع موجة استقلال الدول العربية لتصبح الجغرافية السياسية للوطن العربي مجموعة من الدول ذات الحدود السيادية المستقلة بشكل تام عن بعضها البعض بما صار يعرف بالشرق الأوسط، مكتفية برباط يجمع بعضها باستثناء الكيان الصهيوني تحت مسمى جامعة الدول العربية، ومنذ ستة وستين عاماً وحتى اليوم ووطننا العربي في صراع سياسي وعسكري واقتصادي وثقافي مع هذا الكيان البغيض، وبرغم ضخامة حجم المصالح والمنافع الحيوية التي تستطيع فرض تأثيرها في العلاقات البينية بين الدول العربية ودول العالم وبالذات العظمى منها، إلا انه لم يتم حتى الآن الاستفادة من هذا الثراء الاستراتيجي لنيل العدالة الأممية أمام التخاذل المكشوف لصالح الكيان الصهيوني، والأخطر من ذلك أن عملية تغيير صورة الوضع الراهن للوطن العربي من خلال تقسيم المقسم وتجزئة المتجزأ تتم بشكل لا يصدق وربما اقرب للخيال، لولا أن ما يتوفر من بحوث ودراسات إستراتيجية تنشر وتسرب أحيانا تجعل التأمل فيما يجري من أحداث تبدو وكأنها تسير وفق مسارات مرسومة. فلم يكن احد يتصور أن الولاياتالمتحدةالأمريكية راغبة في غزو واحتلال احد الأقطار العربية بقوة السلاح، ورغم ذلك جاء الغزو والاحتلال للعراق، بحجج واهية وسخيفة شارك في صنعها بكل أسف بعض العرب، إلا أن المبررات للغزو والاحتلال كانت إلى حد ما مقنعة للبعض، وفي اقل الأحوال يصعب معارضتها أو الوقوف ضدها، فقد كان غزو العراق للكويت عسكريا طامة كبرى، ثم جاءت أحداث سبتمبر المشؤومة التي كانت أشبه ما تكون بالعمل الجنوني، بل هو الجنون ذاته الذي اعترى العسكر الياباني ذات يوم وانتهى بتفجير أول قنبلة نووية فوق هيروشيما لتعلن اليابان الاستسلام التام، وفي مواجهة أمريكا لأحداث سبتمبر 2001م لم تستخدم القنبلة النووية ضد العرب ولكن فتّتت هذه القنبلة لتصبح ذات مشروعية لقتل وطن عربي عزيز بعمليات جراحية أعادته من المرتبة الأولى بين الأقطار العربية في التعليم والصحة والصناعة والعلم والدفاع إلى ما قبل ظهور الدولة العربية، ليصبح فجاجا مباحا للتخلف والفتنة والتقسيم. العجيب أن السيدة سوزان لينداور وهي ضابطة اتصال في المخابرات الأمريكية (C I A) وعبر لقاءات في القناة الروسية الفضائية تؤكد أن أحداث سبتمبر تمت بعلم ومعرفة بل وبمساعدة - عبر التجاهل والتغاضي - من قبل قيادات عليا في الجانب الأمريكي ودعم وفعل من قبل الموساد الإسرائيلي، صحيح أن الواجهة عربية وإسلامية، لكن هذا لا يمنع من القول إن ثلة متطرفة في الفكر والمعتقد خططت لعمل إجرامي يهز العالم ويخلط الأوراق، والصحيح أيضا هو أن لا احد يستطيع القول إن المخابرات الأمريكية والإسرائيلية لم تكونان تعلمان بهذا المخطط، إن مشاهدة البرج التجاري الجنوبي الذي اخترقته الطائرة من أدواره العليا يمكن مشاهدة التفجيرات في الأدوار السفلية متى دقق في الصورة ببطء، وتؤكد ضابطة الاتصال بالمخابرات الأمريكية أن البرجين خضعا لزيارات سرية لعربات تابعة للمخابرات الأمريكية قبل الأحداث بأيام قليلة في ساعات متأخرة من الليل، كما يصح التذكير بالشبان الخمسة الذين شوهدوا يرقصون فرحاً على عربة ظهر فيما بعد أنها تحمل متفجرات، وظهر أيضا أن هؤلاء الشبان عملاء للموساد، وقد تم ترحيلهم فور انكشاف أمرهم دون تحقيق أو ضوضاء، وفوق ذلك فإنه يعمل في البرجين نحو أربعمائة وخمسين يهودياً، وبأمر يشبه المعجزة يتغيبون عن العمل ذلك اليوم المشئوم بشكل جماعي، ولا يحضر سوى خمسة فقط ربما لم يتمكن الموساد من إيصال التحذير لهم في الوقت المناسب، ثم إن الطائرة التي قيل إنها سقطت أو أسقطت قرب مجمع الحرب الأمريكي لم تظهر آثارها أو شيء من صورها حتى اليوم. إننا نشاهد كثيراً من وسائل الإعلام المصرية الخاصة وهي تعمل جاهدة دون كلل أو ملل وبشكل غير معقول في محاربة الديمقراطية الحديثة في مصر وترفع بيرق (الاخونة) أمام كل جهد أو عمل يقوم به النظام المنتخب، مثلما نشاهد وسائل الإعلام الأمريكية المملوكة للمال اليهودي وهي تحقّر العرب وتجرمهم في كل عمل وجهد يقومون به، رافعة بيرق (معاداة السامية ) في وجه كل متردد أو مشكك في كذب هذا الإعلام، إلى حد أن يصبح ولاء المواطن الأمريكي لإسرائيل مقدماً على ولائه لوطنه، هذا ما تقوله ضابطة الاتصال الأمريكية الهاربة إلى روسيا بعد محاولات لقتلها أكثر من مرة نتيجة تصاريحها الإعلامية الفاضحة لأحداث سبتمبر، وهو ما يعتبر معاداة للسامية، خاصة وأنها تصر على تقديم ولائها لأمريكا على ولائها لإسرائيل، وهذه جريمة ارتكبها أيضا السيد جون وايت مساعد وزير الدفاع في عهد بيل كلينتون الذي لم يعفه تراجعه عن إعلانه الولاء لأمريكا قبل إسرائيل من ترك منصبه. وفي نهاية المطاف فإن هذه ليست أسراراً بل هي أخبار معلنة وتحدثت عنها وسائل الإعلام، لكن وبكل أسف لا نقرأ، أو أننا نقرأ ولا نفهم أو ربما نتجاهل، باعتبارنا مغلوب على أمرنا وليس لنا إلا انتظار قدرنا والله المستعان. [email protected] Twitter: @HassanAlyemni