هذه حيل ودهاء وقوالب شيطانية يقع فيها كثير منّا في مجال العمل والأسرة والمجتمع وأعظمها ضرراً، وانكلها خطراً إذا تحولت لمكائد في مجال العمل... وكثير ما تحصل بين الأشباه والأنداء والمتنافسين في مجال العمل وطلبة العلم والرياضة، وكل المسابقات والمنافسات... حتى قالوا : إن النظراء والمتنافسين والأنداد كالثعابين والحيات التي تقذف سمومها في أحلك الظروف.. وخِف أبناء جنسك, وأخْشى منهم كما تُخشى الضراغم والثعالبا ومن أفضل ما قيل في تعداد حيل الناس ومخادعاتهم والقوالب ذماً لها وتحذيراً منها ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- ما نصه: فمن الناس من يغتاب: 1- موافقة لجلسائه وأصحابه وعشائره، مع علمه أن المغتاب بريء مما يقولون، لكن يرى أنه لو أنكر عليهم لقطع المجلس واستثقله أهل المجلس ونفروا عنه، فيرى موافقتهم من حسن المعاشرة وطيب المصاحبة، وقد يغضبون فيغضب لغضبهم فيخوض معهم. ومنهم من يخرج الغيبة في قوالب شتى. 2- تارة في قالب ديانة وصلاح فيقول ليس لي عادة أن أذكر أحداً إلا بخير، ولا أحب الغيبة ولا الكذب وإنما أخبركم بأحوال فلان فيقول : والله إنه مسكين، أو رجل جيد، ولكن فيه كيت وكيت وكيت. 3- ربما يقول: دعونا منه، الله يغفر لنا وله، وإنما قصده استنقاصه وهضماً لجنابه، ويخرجون الغيبة في قوالب صلاح وديانة، يخادعون الله بذلك، كما يخادعون مخلوقاً، وقد رأينا منهم ألواناً كثيرة من هذا وأشباهه. 4- ومنهم من يرفع غيره رياءً فيرفع نفسه فيقول لو : دعوت البارحة في صلاتي لفلان لما بلغني عنه كيت وكيت، ليرفع نفسه بذلك، ويضعه عند من يعتقده. 5- أو فلان: بليد الذهن، قليل الفهم، وقصده مدح نفسه، وإثبات معرفته، وأنه أفضل منه. 6- ومنهم من يحمله الحسد على الغيبة، فيجمع بين أمرين قبيحين: الغيبة والحسد، وإذا أُثني على شخص أَزالَ ذلك عنه بما استطاع من تنقصه في قالب دين وصلاح، أو في قالب حسد وفجور وقدح، ليُسقط ذلك الثناء عنه !! 7- ومنهم من يقع في الغيبة في قالب تمسخر ولعب. ليضحك غيره باستهزائه ومحاكاته واستصغاره للمستهزأ به !! 8- ومنهم من يخرج الغيبة في قالب التعجب. فيقول : تعجبّتُ من فلان كيف لا يعمل كيت وكيت ؟! ومن فلان كيف وقع منه كيت وكيت ؟! وكيف فعل كيت وكيت، فيخرج اسمه في معرض تعجّبه !! 9- ومنهم من يخرجها في قالب الاغتمام، فيقول : مسكين فلان، غمنّي ما جرى له !!، فيظن من يسمعه أنه يغتم له ويتأسف لحاله !! وقلبه منطوٍ على التشفي به، ولو قدر لزاد على ما به !!! وربما يذكره عند أعدائه ليتشفّوا به، وهذا وغيره من أعظم أمراض القلوب والمخادعات لله ولخلقه. 10- ومنهم من يظهر الغيبة في قالب غضب وإنكار منكر، فيظهر في هذا الباب أشياء من زخارف القول، وقصده غير ما أظهرهُ والله المستعان. فرحم الله شيخ الإسلام كأنما عاش بيننا اليوم... والسلام عليكم. - محافظة - رياض الخبراء - [email protected]