دخلت أحد المتاجر الكبيرة، التي تبيع مختلف أنواع الأجهزة المنزلية، وكالعادة كنت أبحث عن أحد الموظفين الذين يميزهم لبسهم زياً موحداً، بحيث تسأله عن الفوارق بين الأجهزة المختلفة، وأستطيع أن أجزم أن 100% من أولئك الموظفين، هم من الجنسيات غير السعودية، ولكن عندما توشك الخروج من المكان، يسترعي انتباهك وجود جلسة، هي أشبه بالديوانية، يجلس بها ثمانية شباب بلباس سعودي، وكل منهم يلعب بجهاز جواله، عندها شعرت بفضولية شديدة، أعادتني إلى داخل المتجر، وطلبت مقابلة المسؤول الأعلى، وجاء، وهو كما هو متوقع، غير سعودي، وسألته عن ذلك المشهد الغريب، فأجابني، بعد تلكؤ منه، وإلحاح مني، بأن تعيين أولئك الشباب قد جاء بسبب نطاقات، وهم يعملون (وبالأصح هم لا يعملون شيئاً) في الفترة المسائية، لأن لديهم أعمالاً نهارية أخرى، أو هم طلبة، فهم راضون بالدخل الإضافي، دون عمل، والمتجر راض، ووزارة العمل تصرح بأنها حلّت الجزء الأكبر من مشكلة البطالة!! هذه القضية لها أبعاد أكثر خطورة مما يبدو ظاهرياً، فكل من يدعي أنه خرج من برنامج حافز، إلى برنامج نطاقات، هؤلاء هم شباب سيعني توظيفهم بالحد الأدنى (1,500 ريال)، وهو توظيف وهمي، وسيؤدي ذلك بصندوق التأمينات الاجتماعية، أن يجنب مبالغ لهم، هي أكثر بكثير مما يسهمون به، ومن ثم على مؤسسة التأمينات إعادة حساباتها، والانتقال من مرحلة تغطية احتياجات منتسبيها من خلال اشتراكاتهم، ومن خلال استثمارات المؤسسة، إلى مرحلة خسائر كبيرة، وغير محسوبة حتى الآن، لأن وزارة العمل منهمكة في كتابة التقارير الوردية، حول من انتقل من برنامج حافز إلى برنامج نطاقات، ولكن وزارة العمل، وبحكم إشرافها على مؤسسة التأمينات، فهي لن تسمح لأحد بأن يبرز المشاكل المستقبلية، التي ستواجهها مؤسسة التأمينات الاجتماعية، وهنا نحن نتحدث عن بلايين الريالات، وكلها ستصرف لغرض تبييض صورة برنامج نطاقات، حتى ولو عنى ذلك التفريط بكل إنجازات مؤسسة التأمينات الكبيرة، التي تمت على مدى الأربعين سنة الماضية. أعان الله مؤسسة التأمينات الاجتماعية، ومن سيصبح محافظها القادم، فهي بحاجة إلى دعائنا. لأن كل المؤشرات تقول إنها مؤهلة للانتقال من مؤسسة ناجحة استثمارياً، وربحياً، إلى مؤسسة أقل ما يقال عنها، هو أنها ستصبح في مهب الريح. [email protected]