لقد قرأت ما نشر في جريدة الجزيرة في عددها 14788 الاثنين الموافق 13جمادى الأولى 1434ه تحت عنوان (علاقة الساذج الفقير بالداعية المليونير) للكاتب الدكتور جاسر بن عبدالله الحربش. فأقول.. الدعوة إلى الله عبادة عظيمة جليلة، منّ الله بها على عباده الموفقين، والآيات في فضلها وشرفها معلومة لكل من نظر في الكتاب العزيز، كما أن السنة حثت وحضت على الدعوة إلى الله -عز وجل- كما قال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}... الآية (النحل 125)، وقوله صلى الله عليه وسلم: (بلّغوا عني ولو آية) وللدعوة أسباب معينة على نجاح الداعية إلى الله -عز وجل- فلا يكون نجاحُ الداعية بشهرته أو بكثرة أتباعه، أو بقبول الناس له، أو بكثرة مصنفاته، أو جمال كلماته أو حُسن عباراته، وهذه بعض مقومات نجاح الداعية إلى الله -عز وجل-. أولاً: الإخلاص: وهذا السبب أمرٌ مجمع عليه، فإنه لا توفيق للداعية مهما انتشرت كتبه وكثرت أشرطته وعرفه القاصي والداني لا فلاح ولا نجاح له إلا بالإخلاص، أن يكون العمل خالصاً لوجه الله، قال تعالى: {قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ} (الزمر11)، يقول ربنا تعالى عن الداعية الكبير نوح عليه السلام: {وَيَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالاً} (29 سورة هود)، فليحذر الداعية إلى الله أن يكون مراده من دعوته أن يحصل على مال أو أن يتطلع لشهرة، أو أن يعُرف، أو أن يقدّم في أي أمر من الأمور. أما إذا أتاه شيء من أمر هذه الدنيا من جراء عمل دعوي لم يكن أساس مطلبه ومبلغ علمه فإن ذلك لا يضره إن شاء الله تعالى. ثانياً: التطبيق بما نقول وندعو إليه: إن التطبيق أولاً سبب رئيسي من أسباب نجاح الداعية فإن الداعية إذا علّمَ الناس أن الصدقة مستحبة، وأن الصلاة أمرٌ واجبٌ، وأن برَّ الوالدين من الأمور المهمة، وأن لزوم جماعة المسلمين أمرٌ حتمٌ على كل مسلم، ثم خالفه في واقعه كان ذلك طريق فشله وإخفاقه، ولك أن تتأمل معي الداعية الكبير شعيبٌ -عليه السلام- وأنه رسم منهجاً وبينّ طريقاً حينما قال لقومه، بل قال للأمة ولمن يقرأ هذه الآية {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} (88 سورة هود)، يقول القاسم بن محمد (أدركت الناس وما يعجبهم القول إنما يعجبهم العمل) وقال بعض السلف من عمل بما علم أورثه الله علم ما لم يعلم. ثالثاً: اللجوء إلى الله: إن من خطأ كثير من الدعاة اليوم هو الاعتماد الكلي على مقومات النجاح الحسية، فيسعى الداعية إلى طباعة الكتب والرسائل وإلى تحضير الدروس والمحاضرات وينسى ويتناسى اللجوء إلى الله ودعائه أن يوفقه في دعوته، فهو يعتمد على المقومات الحسية، وينسيه الشيطان اللجوء إلى الله أن يوفقه في دعوته. ولك أن تتأمل معي هدى إمام الأئمة محمد صلى الله عليه وسلم في دعوته إلى الله عندما كان همه الأول والأخير هو اللجوء إلى الله أن يوفقه في دعوته وتعليمه وعلمه وجهاده، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم: (يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث فأصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين). رابعاً: التسلح بالعلم الشرعي: وهذا ما يغفل عنه كثير من الجماعات اليوم فإن كثيراً من الجماعات اليوم التي دخلت في هذا المضمار ودخلته من أوسع أبوابه وقد نسيت وتناست السلاح المهم، وهو العامل الأقوى والأمضى الذي هو العلم.. إن كثيراً من الجماعات اليوم التي تظهر على الساحة وتنتسب إلى الدعوة قد شوّهت صورة الدعوة إلى الله، شوّهتها بأنها أخذت تدعو بلا علم، ولا فقه، ولا روية، ولا تأسيس، ولا أصل متين، فضلت في نفسها وأضلت غيرها. وهذا محمد صلى الله عليه وسلم، وهو مَنْ هو عليه السلام يقول له ربه: {مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}. خامساً: اعتزال مجالس البدعة والفسق والضلال: إنك إذا أردت بانتسابك للدعوة أن تنجح فيما تقول وفيما تفعل، فلا بد أن تتميز وأن تظهر، وأن تكون واضحاً فيمن تجالس، لابد للداعية أن يعتزل مجالس البدعة والفسق والضلال جملة وتفصيلاً، فلا يجتمع بأهل البدعة في مكان أو استراحة أو مجمع أو في ملتقى أو ندوة، إلا إذا كان يريد أن يقيم الحجة على أولئك الخصوم أما إذا كان يجالسهم موافقة لهم، حتى ولو قال أوافقهم ظاهراً. ونظر أفضل الدعاة إلى الله، الأنبياء والمرسلون -عليهم الصلاة والسلام- اعتزلوا أقوامهم فانفتح لهم طريق النجاح والفلاح والسعادة، فهذا إبراهيم - عليه السلام -{فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا} (49 سورة مريم). {فَلاَ تَقْعُدُواْ مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} (140) سورة النساء، فنهى الله عن القعود مع المخالفين ثم قال: {إِنَّكُمْ إِذًا مِّثْلُهُمْ} فمن التمييع للدعوة أن يجلس الداعية إلى الله في مجالس أهل الفسق والضلالة ويوافقونهم على ما يقولون ويجلسون إليهم ومعهم وإن خالفوهم باطناً. سادساً: البدء بالأهم: أن يرسم في دعوته منهجاً سواء في دروس يقيمها، أو محاضرات يطرحها، أو كتب يكتبها، أن يكون منهجه واضحاً ومتيناً، ويسلك طريقة واضحة، فيهتم بالأولويات في ذلك، إن كان مؤلفاً أو محاضراً أو متكلماً أو أقام درساً يبدأ بتحذير من الشرك والدعوة إلى التوحيد فيبدأ بالكتب التي تبين التوحيد. تأمل دعوة الأنبياء تجد أن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- بذلوا أوقاتهم وأعمارهم في دعوة الناس إلى إصلاح قلوبهم، وهذا محمد صلى الله عليه وسلم يقول: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) ولك أن تتأمل معي ما هو قريب منا دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- فإن الشيخ نجح في دعوته لا لأنه غني أو فصيح أو لأنه من قبيلة بني فلان أو لأن له أنصاراً وأعواناً، وإنما نجح لأنه أسس منهجاً ورسم طريقاً وبدأ بالأهم وهو توحيد الله فألف هذا المصنف العظيم ثلاثة الأصول، الذي هو كتاب عظيم ونفيس، وأخذ الناس يقرؤونه في كل عصر و مصر. سابعاً:البدء بالأقربين: إن الداعية الموفق الذي يبدأ دعوته بالأقربين منه بأسرته أولاً، ثم الوالدين والجيران... إلخ، هذا هو الداعية الموفق، الداعية الموفق الذي يحاول جهده أن يصلح الأخطاء بين أفراد أسرته، ثم ينتقل إلى جيرانه، إلى جماعة المسجد إلى من يجلس معهم، إن كان معلماً في مدرسته، إن كان موظفاً في القطاع الذي يعمل به وهكذا. وتأمل معي أولئك الذين أموا المساجد، كان إمام مسجد في حيّه ثم حول هذا المسجد، مع كونه مسجداً إلى مركز إسلامي، فأخذ يدعو الجيران ويجلس معهم ويدعوهم ويحسن إليهم وإن لم يخرج من بلده قط {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} (214 سورة الشعراء). فقام -عليه السلام- ينادي العباس بن عبدالمطلب، وفاطمة بنت محمد -رضي الله عنها- وأخذ يحذر أعمامه، وهذا هو المنهج الصحيح الذي يجب أن يسير عليه الداعية وهو أمر واضح. ثامناً: بذل معظم الوقت في الدعوة إلى الله: إن الداعية إذا عرف أن الدعوة وظيفة شريفة وعبادة جليلة وجعلها أساس عمله وأصل مهامه وجعلها فرضاً عليه أمراً لازماً، وفق إلى القيام بدعوة الناس فلا يجعلها وقت الفراغ أو في المناسبات، لأنه قد يترك الدعوة بعد ذلك فيدعو ويتكلم ويجتهد في رمضان مثلاً، فإذا انسلخ رمضان ترك الدعوة، وقد يمتد هذا الترك والإهمال إلى رمضان الثاني فيعجز ويتكاسل عن الدعوة في رمضان من العام المقبل، فلو أننا جعلنا الدعوة عملاً لازماً من أعمال اليوم والليلة لوفقنا، ولست أقصد بالدعوة محاضرة أو كلمة، إنما تشمل الدعوة الزيارة والإهداء، وغير ذلك، كما قال تعالى: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} (108 سورة يوسف). تاسعاً: عدم الاقتصار في دعوته على طبقة معينة: ومعنى هذا أنك تدعو الجميع فهب أنك تسكن في حي من الأحياء يجاورك من هو أعجمي غير عربي من الوافدين أو يجاورك العامي أو أنصاف المتعلمين والمتعلم والصغير والكبير والذكر والأنثى، فمن الخطأ أن تخص الدعوة للشباب فقط، أو تخص المرأة أو الوجهاء والأمراء والأعيان، فإن هذا لم يكن هو الهدى النبوي، فلا بد أن نبذل الدعوة للناس جميعاً. والأصل في هذا: (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم) يقول ربنا تعالى: {عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}. عاشراً: الوضوح في الدعوة: لن ينجح الداعية إلى الله إلا إذا كان واضحاً في دعوته، والوضوح هو أن يدعو إلى أمر واضح إلى كتاب الله وسنة رسوله، فلا يكون في دعوته غموض، أو طلاسم أو ألغاز، بل ينبغي أن تكون دعوته واضحة على منهج واضح، وقد أخطأ من استدل إن الأنبياء اشتغلوا بالدعوات السرية، فنوح -عليه السلام- قال: {ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا. ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا} (9 سورة نوح)، كان واضحاً في دعوته والدليل على وضوحه في دعوته هو أنه دعاهم بالليل والنهار سراً وجهاراً، ومعنى الإسرار أنني دعوتهم مجتمعين ومتفرقين، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم أيضاً دعا في السر ثلاثة أعوام، أما إذا كان الداعية يعيش في بلاد كافرة يخشى إذا دعا الناس إلى الخير أن يكبت أو أن يقضى على دعوته، أما إذا كان يعيش في ولاية أو بلاد مسلمة، فينبغي أن تكون الدعوة واضحة فينبغي للداعية أن يكون واضحاً، لأن الداعية إذا كان غامضاً ثم انكشف أو وضح للناس غموضه كرهه الجميع حتى أقرب الناس إليه. الحادي عشر: عدم الالتفات لقلة أو كثرة الموافقين له: ويتحسر الداعية غير الموفق ويعجز ويترك الدعوة إذا كان ينتظر من الناس حضوراً و مدحاً و إطراء وإشادة.. إلخ. إذا كان ينتظر هذا وهو مبلغ علمه فإنه لن يوفق، وهذا نوح عليه السلام، لم يلتفت إلى قلة أو كثرة التابعين له ولو انتظر هذا الأمر لترك الدعوة، إلا أنه دخل في هذا المضمار العظيم ألف سنة إلا خمسين عاماً، ومع ذلك كان أتباعه هم الأقلون عدداً، وكما في حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: (يأتي النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان، والنبي وليس معه أحد...)، وكذلك أتباع الرسل، يقول ابن القيم (رحمه الله): وأتباع الرسل هم الأقلون عدداً، وإن كانوا هم الأشرف قدراً عند الله، إذا كنت على كتاب الله وسنة رسوله، فلا تلتفت إلى مدح الناس أو موافقتهم أو الإشادة بعملك أو طلب مرضاة الناس. الثاني عشر: استخدام الأمثلة والأدلة العقلية مع الأدلة الشرعية: إن الله -جل وعلا- ضرب الأمثال، ونبينا -صلى الله عليه وسلم- ضرب أمثالاً كثيرة للتقريب والتفهيم، إن ضرب الأمثلة أمر مهم في الدعوة إلى الله لتقريب عقول المدعوين، كما أن استخدام الأدلة العقلية كان من منهج الأنبياء -عليه السلام- في الدعوة، استدل بالأدلة العقلية في طرحك في دعوتك في تبيين الحق للناس في دعوة الناس، فإن الدليل العقلي قد يكون له تأثيره، والخصم قد يتأثر بالدليل العقلي أكثر منه بالدليل الشرعي نظراً لأن بعض الناس قد لا يستوعب الأدلة الشرعية، أعني الخصم أولا يفهمها أو يؤولها أو قد يجد من يؤولها له من مرضى القلوب والعقول. الثالث عشر: مشاركة الأفعال للأقوال: فإذا كان الداعية يأمر الناس ببر الوالدين ولكنه لا يفعل أو يشاهده المجتمع أنه بعيد عن والديه، فإن هذا لن يؤثر في المجتمع، وبالتالي سيجد من يقف له عائقاً في طريق دعوته ويقول له: ابدأ بنفسك، ثم بعد ذلك يترك الدعوة ويترك القول والعمل. الرابع عشر: بذل السبل المتنوعة: إن انحصار الدعوة في محاضرة تلقى أو خطبة تسمع أو كتاب يكتب أو مقال ينشر لا شك أنها نظرة محدودة، فلا بد من بذل السبل كافة فيدعوهم بالكرم والجود وبحسن الأخلاق و بالرسالة أو بزيارة إلى غير ذلك من السبل المتنوعة، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- مثلاً أرسل الوفود، خطب، حث، تصدق، جمع... إلخ. الخامس عشر: التهيؤ للعوائق: أن يتهيأ الداعية ويعلم أن هناك عوائق قد تكون في طريقه، كما قد يكون في طريقه أيضاً مخالفون ومختلفون... وهذه سنة الله {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ} (2 سورة العنكبوت) وجميع الدعاة من نوح -عليه الصلاة والسلام- إلى عصرنا هذا لا بد أن يواجهوا عوائق وأزمات، ولكن لا بد أن تبنى هذه الدعوة على كتاب الله وعلى سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم بفهم سلف الأمة، وبعد ذلك لا يلتفت إلى المخذلين والمخالفين أو المرجفين، بل يستمر على طريق الدعوة. السادس عشر: بذل المال في سبيلها: إن من القصور الواضح فيمن ينتسب إلى الدعوة اليوم هو الشح بالمال، ومن الخطأ أن نتصور أن الذي يبذل المال هم التجار أو الأثرياء وأرباب الأموال فإن الجميع مطالب أن يبذل ماله، فعلى كل داعية أن يستقبل المدعوين ويبذل ماله ويفتح بيته وصدره للناس لينجح في دعوته. السابع عشر: ضرورة التواضع مع المدعوين: إنه لابد للداعية أن يتواضع مع من يدعو لأنك قد وفقت لإدراك شيء من العلم والفهم ما ليس عند ذلك المدعو، فلا بد أن تتواضع في طرحك في أسلوبك أن تختلط بالمدعوين سواء أكانوا شباباً أم شيوخاً أو كانوا من الوافدين وتتواضع معهم. يقول ربنا -تعالى-: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِم مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ} (52) سورة الأنعام). الثامن عشر: محاولة القضاء على الأفكار قبل أصحابها: من الخطأ الذي يعيشه بعض الدعاة هو التركيز على أصحاب الفكر الهدام دون الفكر نفسه فتجد بعضهم يضيع وقته وجل وقته في محاربة أصحاب الأفكار دون محاربة أفكارهم، فلا بد من محاربة الأفكار الهدامة التي ترد مثلاً عن طريق القنوات الفضائية، عن طريق الإذاعات عن طريق الصحف، لا بد من قتل الفكر نفسه لا بد من تشويه أو رد هذا الفكر ودحضه وبعد ذلك دحض الدعاة إلى هذا الفكر. التاسع عشر: الاعتراف بالخطأ: الذي يعمل لا بد أن يخطئ، والداعية إلى الله لا بد أن يواجه الجمهور، يكتب رسائل يؤلف مؤلفات.. إلخ، فلا بد أن يقع في الخطأ، وآسف لبعض الدعاة قد يخطئ ويناصح ثم لا يرجع -سبحان الله- أنت أخطأت في هذه الفتوى في هذه المحاضرة في هذا الشريط، إذن لماذا لا تقول إنني أخطأت وتلقي محاضرة وتبين خطأك، وهذا من الداء المنتشر وهو الإصرار على الخطأ، فإن الاعتراف بالخطأ هو أول طريق نجاح الدعوة، فقد اعترف من هو أشرف منا قدراً وعلماً موسى -عليه الصلاة والسلام- قال: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} (20 سورة الشعراء). عشرون: الشورى: الداعية إلى الله جل وعلا سيدخل في مضمار واسع ودعوة مهمة جليلة وعظيمة وأيضاً هي صعبة، فمن الخطأ أن نهوّن أو نستسهل أمر الدعوة، فستواجه إشكالات وعقبات تقف حائراً أمامها فإذا أردت أن تلقي محاضرة أو تطرح موضوعاً، أو تكتب كتاباً أو غير ذلك فمن الأسلم أن تستشير، وأكمل الناس عقلاً محمد صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك كان يستشير أصحابه في النوازل وفي القضايا التي تواجهه، كما قال -تعالى-: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} (159 سورة آل عمران). وأسأل الله للجميع الإخلاص والقبول، وأسأله -جل وعلا- أن يكفينا وإياكم شر الفتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم احفظنا بالإسلام قائمين وقاعدين وراقدين، ولا تشمت بنا الأعداء ولا الحاسدين، اللهم ثبتنا على الحق حكاماً ومحكومين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد. فهد بن سليمان بن عبدالله التويجري- المدير العام المساعد لفرع وزارة الشؤون الإسلامية بمنطقة القصيم