استبشرنا خيراً بتجربة الانتخابات في اتحاد كرة القدم، فهي تجربة فريدة تؤسس لمفهوم المحاسبة، وتضع المسؤول تحت مجهر الجمعية العمومية، وتسلحه بالثقة التي ينالها من أصوات ناخبيه، ولكن ما حدث بعد ذلك، أخمد الكثير من جذوة الحماس التي كانت تتقد بداخلي، بل إنها تكاد تنطفئ، فالسطور الأولى لكتاب الاتحاد المنتخب كتبت بخطوط بالية وعلى ورق أكل عليه الزمن وشرب، والمؤلف للأسف ما زال يقع بذات الأخطاء التي ألفناها منذ زمن، وكأن النهايات (التراجيدية) هي ما يحسنه من حياكة، فحجم الأخطاء المرتكبة في هذا الوقت القصير يجعلنا نجاهد متسلحين بنفس عميق لعلنا نجد موطئ تفاؤل. فإيقاف حارس التعاون الثنيان وما شابه من غموض، وتأخر البت بشكوى المنشطات ضد حسين عبد الغني إلى الفراغ من نهائي ولي العهد وآخر مباراة دورية ضد الشباب، فضلاً عما حدث بجدولة الدوري من (لخبطة) جعلت الفرق المتنافسة آسيوياً في موقف لا تحسد عليه من ضغط المباريات وتلاحقها مما قد يتسبب في فقد حظوظها في المنافسات المحلية ولربما فقد لاعبيها في الأمتار الأخيرة، إضافة إلى عدم حماية لجنة المنشطات وما نالها من اتهامات مما عجل باستقالة أمينها، كل ذلك، وتواً قلنا: (بسم الله)! ولأني لا أريد أن تنضب مساحة مقالي في تعداد الكثير من القرارات التي تُسيل الحبر، وما اكتساها من عشوائية في إصدارها (توقيتاً ومضموناً)، فسأذكركم بالتسريبات التي كانت تحصل خلال اجتماعات الاتحاد حيث كنّا نعلم بالقرارات قبل صدورها، وهي ما يُفترض أنها تطبخ خلف الأبواب المغلقة، ولذا فإن كان مسيري الاتحاد وأعضائه هذا صنيعهم من تفضيل علاقاتهم الشخصية على مصلحة الاتحاد، فبرأيكم ماذا نأمل؟! ولكي لا أتهم بأني أغمد خنجري باتحاد ما زال يخطو أمتاره الأولى، فإني أذكركم بأن الأستاذ أحمد عيد ليس وليد انتخابات جرت قبل نحو ثلاثة أشهر فقط، بل هو ابن الساحة الرياضية ولديه تجربة حافلة وثرية بلجنة الاحتراف وعضوية الاتحاد فضلاً عن تسلُّمه سدة الاتحاد منذ نحو عام وقت استقالة الأمير نواف بن فيصل، ولذا فالحديث عن دعوة لالتقاط الأنفاس والردم في خانة عثرات البدايات، هو أشبه بذر الرماد بالعيون. عموماً وحتى لا يكتسي المداد حلة السواد في كل تفاصيله، فإني أنتظر بفارغ الصبر نهاية الموسم الرياضي وإعادة تشكيل اللجان، لعلنا ندثر كل تلك الأخطاء في لحاف النسيان، ونستزرع من جديد بذرة تفاؤل وسط كل ذلك الركام لتكون نواة لعمل يبدد ما كان من أخطاء وتجاوزات، ويعيد تأسيس مؤسسة كرة القدم بشكل سليم، ليعيد الثقة فيها وفي قراراتها وما تستند اليه من لوائح وأنظمة بعيداً عن أهواء أعضاء لجانها وبمنأى عن ضغوط الإعلام ومسؤولي الأندية ورجالها. وما آفة الأخبار إلا رواتها تعرف الإشاعة كما عبر عنها (شارلز أندال) بأنها عبارة عن رواية تتناقلها الأفواه دون أن ترتكز على مصدر موثوق يؤكد صحتها، وكثيراً ما ارتبطت بذلك الشيء الجارح والخطير. وبظني أن شبكات التواصل الاجتماعي للأسف أضحت بؤرة لتلك الآفة، فلا يحتاج الأمر إلا لرماد إشاعة و- عذراً - شيءٍ من وضاعة، ثم بعد ذلك توقد نار الإشاعة بلا وجل، ويتراقص حولها الحاسد والحاقد بلا خجل. والشأن الرياضي للأسف ليس بمنأى عن تلك المعضلة، بل هي أطلت في الأسابيع القليلة الماضية برأسها المسخ بوجه سافر، تجاه فريق الشباب بشكل أشبه بالمنظم وبطريقة شبه مستنسخة، فرئيس النادي ومدربه ولاعبيه كانوا بمرمى تلك الأفواه العفنة التي لا تراعي ضميراً أو ذمة، فأحدهم ما فتئ صاحب سبق في إثارة الغبار أمام كل أبيض، وآخر لا تجده سعيداً إلا عندما ينصب خيمة أكاذيبه حول الشباب ورجاله، وثالث أعتاد أن يشن هجومه السطحي على رئيس النادي ولاعبيه وو.. إلخ! ولأن قدر كل صرح كبير أن لا يسلم من خربشات الصغار وعبث العابثين، لذا لا تستغربوا كل تلك الحفلات المضللة والشائعات المغرضة التي يتولى كبرها ثلة من ضعاف النفوس من فقراء الفكر وفقيري الإنجازات. فمن فقد شيئاً تجده يبحث عن مطببات لتنسيه فقده وتسرح به بعيداً عن ألمه، فتراه ينصب بخياله المريض مسلسلاً من الافتراءات، وكأنه أشبه ب(طالب) بليد لم يحسن دراسته فأكثر من الأعذار الكاذبة التي لم تمنع من رسوبه، فإذ به يفرغ شحنات بلادته على جدران مدرسته، وإلا فالطالب المجد المجتهد الذي يصافحه النجاح دوماً لم ولن يكون جدار مدرسته دفتراً ل(جنونه)، بل أنه - وهذا قدر المتفوقين - لن يسلم من حقد هذا وحسد ذاك وكذب ثالث لتشويه صورته، وبزعمي هو ذا ما يحدث تجاه الليث ورجاله، فمن تبوأ القمة لن يسلم من حجارة من في السفح. آخر النزف يقول «نيتشيه»: أحياناً يبقى المرء وفياً لقضية ما، لمجرد أن خصومه لا يغيرون تفاهاتهم. @sa3dals3ud