في الوقت الذي أنهت البنوك المحلية عامها الماضي 2012م، بمعدلاتٍ ومكاسب قياسية، وأرباح خيالية بلغت33.5 مليار ريال بزيادة 8.4% عن عام 2011، والذي بلغت فيه 30.9 مليار ريال، لكن في المقابل قروض المواطنين زادت عن حاجز ال 300 مليار ريال، ولا تسمح هذه البنوك حتى بمناقشة، أو إعادة جدولة هذه القروض، ولا يكاد يترك ذلك أي انطباعٍ إيجابي لعملاء البنوك بقدر ما يترك حالةً من التذمر لدى جميع المواطنين. بنوكنا حلت في المرتبة الأولى عالمياً في مجال الربحية مقارنة بالبنوك العالمية، بل أرباحها السنوية تجاوزت أرباح البنوك العالمية، ولأن ذلك لا يعود لكفاءة استثنائية في إدارتها، بل لأنها تنعم بوضعٍ مميز وخاص للغاية، فعوائدها الهائلة هي حسابات جارية وودائع تحت الطلب، وبالتالي فإن نحو 60% من الودائع لدى البنوك المحلية هي ودائع بدون أي عائدٍ، أو فائدة للمودع (عميل البنك) بل جميع فوائدها وأرباحها تصب في خزينة البنوك. وأصبحت بنوكنا، كالمنشار تأكل من حسابات المواطن دون وجه حق، ومن المؤسف جداً أن تستمر البنوك المحلية في تجاهل دورها الإيجابي والحيوي تجاه الوطن، والمواطن، وتتعامل ببيروقراطية محبطة، فبعض أجور الخدمات تم معالجتها وحلها من قبل مؤسسة النقد، لكن هناك أجور تم غض الطرف عنها من دون أي وجه حق، ولم يكن لها داعي أصلا، مثال بعض البنوك أصبحت تفرض رسوم بنسبة 1% إلى 3% على العميل عند منحه أي ائتمان أو تسهيلات كانت وهناك مشكلة الفوائد المركبة، والتراكمية التي تكهل عاتق المواطن البسيط. كما أن غياب البنوك تجاه دعم المسؤولية الاجتماعية، والعمل الخيري، وموقف مؤسسة النقد من ذلك غريب جداً يدعو للتساؤل وإعادة النظر فيه، لأن بعض البنوك تقدم مساعدات وتبرعات لبعض الجهات خارج المملكة، ولا تقدم أي شيء للداخل، ومن هنا نطالب البنوك المحلية وخاصة البنك المركزي، بالقيام بدورهم المطلوب منهم كاملاً, والمساهمة في نمو المجتمع، ودعم الأنشطة الاجتماعية والخيرية. الانهيارات في سوق الأسهم، والأضرار التي لحقت بالكثيرين من المواطنين أوجدت شريحة كبيرة من الفقراء، ودور البنوك الاجتماعي، في هذا الشأن ما زال غائباً فالسياسة النقدية في المملكة قاصرة، مما أوجد سوقا سوداء من الإقراض الخلفي، وظهور مؤسسات وشركات، وربما أفراد يمارسون مهنة الإقراض للمواطنين بشروط مجحفة تفوق الحد المعقول. لا يخلو الأمر من قصور واضح في دور «ساما» في إنصاف العملاء من شروط البنوك المجحفة، فالكثير من عملاء البنوك يعاني من الإحباط والتذمر، بسبب عدم اقتناعه بأن المؤسسة تقوم بدور فاعل في حمايته، ولا يعرف العميل بالضبط أين يتجه بشكواه، عندما يلاقي مشكلة مع أي بنك، حتى لو تطلب الأمر إغلاق حسابه مؤقتا بسبب جريمة سرقة. المطلوب من مؤسسة النقد بكونها تقوم بالدور التشريعي والرقابي، وضع آلية واضحة المعالم والأهداف لتفعيل حماية حقوق المواطن من البنوك المحلية، ومعالجة جميع مشاكل العملاء الذين من حقهم الحصول على معاملة محترمة، واستقبال كريم، وخيارات أفضل، خصوصاً أن مدخرات تلك البنوك هي أموال الوطن، وودائع المواطنين، مما يعزز الحاجة إلى سن تشريعات وقوانين جديدة تدعم البنوك، واقتصاد الوطن، وتضمن حقوق المواطن على نحو عادل. [email protected] مستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية