النمو الاقتصادي لأي دولة يرتبط بعدة متغيرات أساسية ومهمة, ولعل أهمها أسعار الفائدة على الإقراض وأيضا على الودائع, وهي في المجمل الآن تعتبر في أدنى مستوياتها على صعيد سعر الفائدة على الودائع، فهي لا تتجاوز واحداً بالمئة حتى وإن كانت الوديعة لمدة سنة, أي لا جاذبية للحصول على أموال من قبل البنوك وحفزها لتكون ودائع لديها, لأنها تصبح مكلفة حين يكون الإقراض في أضعف حالاته, وحين ندقق كثيرا عن هذا التدني لأسعار الفائدة للودائع نجد هذا انعكاساً لحالة اقتصادية أقرب ما تكون للركود والكساد والضعف الاقتصادي, والرابط الأساسي دائما كبير بين أسعار الفائدة والنمو الاقتصادي, فحين تكون البنوك لديها رغبة كبيرة في الحصول على الأموال فإنها ترفع سعر الفائدة لكي تعيد إقراضها من جديد بأسعار أعلى رغم وجود ضوابط لتسعير الفائدة سواء دوليا وما يرتبط بها من عملات أو سياسة البنك المركزي ولدينا مؤسسة النقد هنا, وأيضا الوضع الاقتصادي الكلي, الوضع القائم لدينا متناقض كثيرا وهذا يعكس حالة المصاعب الاقتصادية العالمية وليس محليا فقط, فنحن نرى سعر فائدة على الوديعة متدنياً جدا, وسعر إقراض يرتبط بسعر السايبور زائداً ربحية البنك, وهي تعتبر لدينا في المملكة مقنعة وجيدة، النمو لسبب أساسي ليس للبنوك علاقة به أو شطارة منها بقدر أن الاقتصاد الريعي لدينا وهو المعتمد على الإنفاق الحكومي هو الداعم الأساسي لذلك, ووفر دخل كبير من خلال مشاريع تنمية وصناديق تمويل ومشتريات حكومية وتوظيف حكومي مستمر ودعم كبير لمواد غذائية ووقود وطاقة وغيرها, فأصبحت الدولة راعية لهذا الاقتصاد ومتلازما معها. ورغم توفر المال لدى البنوك كسيولة وكما صرح محافظ مؤسسة النقد بحوار شخصي معه أن البنوك السعودية لديها ما يقارب تريليون نقدا في حساباتها وهي أموال عملائها، ولنا تقدير ما يمكن أن يقرض منه. سعر الفائد المتدني لم ينهض بالاقتصاد بالنمو كما يهدف له بل أصبحت البنوك المحلية تبحث عن نافذة استثمار خارجية لكي تحقق عوائد أفضل من النمطية القائمة لدينا بالإقراض المتبع, وهو ما تقوم به الآن وأيضا يضاف سبب أساسي لتوجه البنوك الخارجي للاستثمار هو ارتفاع المخصصات المحلية ووصلت بنهاية 2010 إلى 25 مليار ريال وهذا رقم كبير كمخصص وليس كبيراً مقارنة بالأموال التي تقرض من مجمل البنوك السعودية, وهذا أوجد لها خوفا وترددا في الإقراض المحلي ذي المخاطر والسعر المتدني للفائدة, حيث رفعت البنوك استثمارها الخارجي من 106.1 مليار ريال إلى 113.7 مليار ريال بنمو قارب 7.2%. هذا رغم أن الأئتمان البنكي في المملكة ارتفع 775.3 مليار ريال بالربع الرابع مقارنة ب774.1 مليار بالربع الثالث. وهذا يبين استمرار الإقراض البنكي ولكن دون المستويات المطلوبة أو المتوقعة, وأن حجم الأموال حقق نموا في الاستثمار الخارجي أكثر من المحلي, وللبنوك مبرراتها لا شك, ولكن لكي ندرك أسباب هذا الضعف الاقتصادي وعدم جاذبية تدفق الأموال محليا مقارنة بالخارج, وهذا ما يفرض إعادة سياسية الإقراض والضمانات للبنوك لكي تكون أكثر فاعلية وإقراض, وأيضا إيجاد مجالات استثمار متنوعة ومتعددة وأن لا ترتبط بأسعار فائدة ستعاني كثيرا في المستقبل.