يبدو لأي محلل اقتصادي أن حجم القروض الاستهلاكية لدى المواطن السعودي، أصبح مخيفاً جداً، خصوصاً أن جميع القروض تُعد استهلاكية بحتة، وغير منتجة، وليس لها مردود على اقتصاد الوطن والمواطن. 90 % من المواطنين مدينون للبنوك المحلية، وهذا يعني أن التضخم والارتفاع الفاحش في الأسعار دفعهم جميعاً ناحية الاقتراض من البنوك.. وتجاوزوا حد الإقراض المسموح به، وأصبح المواطن رهينة لهذه البنوك، ولا يُمكنه التفكير في المستقبل، ولا التفكير بمشروع إنتاجي يساعده على متطلباته الأساسية طالما ظلت هذه العلاقة ضرورية. عندما علمنا بأن حجم القروض الاستهلاكية يبلغ (246 مليار ريال) شعرنا بالخطر والخوف على اقتصادنا، وأصبحنا نشعر بأن لدينا انتعاشاً اقتصادياً زائفاً، فكيف تكون لدينا فوائض مالية كبيرة وفي ذات الوقت، مواطنونا مرتهنون لهذه البنوك، هذه السياسات الاقتصادية التي تركز على الاستهلاك فقط لا تدعم توجهات حقيقية للإنتاج المحلي! كيف سنتوجه ناحية المجال الانتاجي؟ أم ننتظر، عندما لا سمح الله نستهلك جل ما ننتج، أو ينضب النفط. أين هي ملامح التخطيط الاقتصادي لبلدنا؟ أين هي المشروعات العملاقة؟ أين التخطيط باتجاه تحسين البنية الاستثمارية لبلد كبير وتعداد سكاني يتضاعف؟ في ظل خدمات ترتفع أثمانها يومياً، وفوضى سعرية لا مثيل لها، في بلدنا تجد السلعة الواحدة بعدة أثمان والربح فيها يتجاوز حدود المعقول 100%، خصوصاً أن السؤال أصبح علامة الجيل الجديد الذي لا يجد عملاً، وإن وجده لا يلبي طموحاته، ولا يناسب نمط استهلاكه الذي ساهمنا نحن فيه؟ دخل المواطن البسيط يتآكل، وهناك مواطن لا يستطيع توفير الأساسيات، من طعام وملبس ومسكن وعلاج، ناهيك عن الفوائد التي تتضاعف بشكل تراكمي، والمشكلة هي الاعتقاد أن الاقتصاد عملية مالية وإعلامية فقط، دون النظر للأبعاد الاجتماعية والأمنية، وأن الدولة مطالبة بتوفير الأساسيات للمواطن، من تعليم وعلاج وعمل، دون أن تكون هناك خطط لجيل من السعوديين سيجد نفسه خارج الدائرة الإنتاجية، وربما عاطلون عن العمل. التوسع في القروض الاستهلاكية له تداعيات سلبية مستقبلاً، سوف تنعكس على الاقتصاد الوطني، ونحذر من تراكماتها، خصوصاً من ظهور أزمة ديون تلوح في الأفق، بعد أن تجاوزت القروض الاستهلاكية في المملكة (246 مليار ريال) مسجلة نمواً كبيراً مقارنة بالأعوام الماضية، فنمو علميات الإقراض يُعد مؤشراً خطيراً على اقتصادنا، يستدعي ضرورة التدخل من مؤسسة النقد العربي السعودي (SAMA) لتقنين عمليات الإقراض غير المنتج. لذا، يفترض مواجهة القروض بسنّ سياسات وأنظمة وقوانين جديدة تحد من الاقتراض غير المبرر خصوصاً بعد أن رفعت المصارف المحلية نسبة مخصصاتها الائتمانية إلى 34% مقارنة بالربع الماضي، فيُفترض اتخاذ موقف حازم من إدارة النقد (SAMA) لحماية الأفراد من مخاطر الديون الاستهلاكية، ونُحذِّر ونقول: سياسة تعميم ثقافة الاستهلاك مضرة ببلدنا وظروفنا في هذه اللحظة من أفضل الظروف، لتصميم خطط اقتصادية إستراتيجية شاملة، أساسها الإنتاج والاستثمار في المواطن السعودي!! [email protected] مستشار مالي - عضو جمعية الاقتصاد السعودية