أتدرين ما حدث معي في إحدى الصباحات المشرقة التي كان شعاع شمسها الدافئ يعم الرجاء وعمت أجواء الطمأنينة بكل الأنحاء فاستيقظت العصافير مغردةً وشاركها العندليب معندلاً، وصاح الديك “مسطبحاً" والحمام كان بهديله مترنماً وكأنهم فرقة موسيقية والشمس موسيقارها وقفت أمامهم لينظموا أعذب الألحان ألحان من وقعها ترقص طربا الاغصان ويتلذذ بسمعها من لامس صوتها منه الأذان، وكان من ضمن من تلذذ بهذا اللحن محبوبي علمت بحاله لما جاءني بعدما كان يطل من نافذة غرفته إلى ذاك الشعاع البراق مبتهجا فرحا من جمال الشمس حين الإشراق يناله الاستحسان من ذا المنظر الفتان فشعر بنشوة من فوح عبير الازهار لما تراقصة مع الأغصان على الألحان ولما ارتشف الرشفة الأخيرة من قدح قهوته الصباحيه كعادته مضى مسرعا إلي وكعادته كل يوم حين الصباح يلملم من الأرض عدداً من الحصى الصغيرة ويرمي بها على نافذتي حتى استفيق، ولما استفيق يبدأ تغزلاً فيني حتى يصير حالي كما تغنت السيدة ماجدة بكلمات لنزار إذا قال عن حال محبوبة مع محبوها تصف شعورها بأنها ريشة تحملها النسمات نعم لقد كنت أنا الريشة وكلامه الجميل يحملوني لما صارهو عندي النسمات.. وماذا حدث بعدها؟! فقالت: فتحت النافذة مبتسمة وبي شيء من الكبرياء، وقلت له ما بالك ماذا تريد فقال: إني محدثك حديث فلا تخافي تالله ما رغبتي إلا القرب منك قد سئمت التجافي.. أتعلمين وكأنه أبات النية حين مرقده لحظة السباتِ واستمر الحديث بينا ومضى ولما كان حين رواح جاءني وبكفيه شقائق النعمانِ وقدا خالطها شيء من اللوتس ومن الأقحوانِ طالعه السعادة قال صهٍ عساكِ تعقلين كلامي حدثني ويلا حسن حديثه شعر موزون القوافي وكأني ما سمعت قبله قد كنت صماء عاد سماعي ومضى يحدثني ويحدثني وما حالي إلا استماعي قال عني وعنه وعن فؤادينا حينما يجتمعانِ، قال عني أني وردته أني بسمته واني أجمل النساءِ قال: يا حسناء النساء رجوتكِ وسألتكِ بالله فلا تردين رجائي سألتك تكرما يا رفيعة المقامِ أن تنزلي إلى حديقتكم أريد أن أمتع ناظري بجمالكِ الفتانِ فلا يكفني أن تطلين عليَ من شرفتكِ أرجوكِ أرجوكِ وها أنا سأجثو من الرجاءِ على ركبتي أمام عينيكِ. وهل نزلتِ له؟ نعم.. وبحسن لسانه أغراني وماذا حدث؟! ما حدث ربما لن تصف روعته كلماتي ما حدث كان أجمل ماصار لي في حياتي.. لقد شوقتني قولي قولي وإلا جثوت مثله على ركبتي لتقولي فلقد هاجت مشاعري فقالت ضاحكةً: لا عليكِ سأقول حول جانبيا التفت أكفه قال أيا كوكب الجمالي ألا تراقصيني رقصة الحب ألن يدور كوكبكِ في مداري أيا شمسي ويانور دربي وياضيائي أما ان الأوان لليلاً ان أغطش ستائره أن ينجلي ويحل من بعده نوركِ بسمائي غازلني راقصني بالحب يغمرني بالعشق يمطرني ويسمعني من شعرهِ أجمل الأشعارِ تقرع خطاه وخطاي الأرض وكأنها تعزف له الألحانِ آآآه أين كان عني وكأني كنت ميته فأحياني. فقالت صديقتها وقد صارت هي حقا الريشه التي تحملها النسمات: يلا جمال عشقكما وكأنكم لستم من الزمان هذا وكأنكم من زمان ثاني، أمثولة للعشق الرائع أنتم سيخلد ذكركم على كل لساني والله أني أغشى أن أكون لكِ وله حاسدة ولكن من غيرتي قلت كلامي.هذا هو العشق الجميل العشق الذي تغنى به قيس لليلى وعنترة لعبلة وزهير لسعاد وجميل لبثينة.. هذا هو الحب الطاهر الذي يملئه صدق المشاعر فلا العيب في الحب ولكنما العيب بأعراف فرضها على نفسه الإنسان ما انزل بها من سلطان لو كان عيبا ما أستهل زهير أبياته بالعشق أمام نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وهو خير إنسان.