إذا كان هناك وصف يمكن أن توجز به مشهد الأيام الأخيرة في معرض الرياض الدولي للكتاب فهي بلا شك كلمة «طابور». فمن العاشرة صباحاً كان الحديث عن دخول السيارات إلى مواقف المركز أشبه بحكاية خيالية, وامتدت طوابير السائرين في كل مكان, لدى البوابات وعلى الصرافات وعلى أجهزة الاستعلامات الإلكترونية وأخيرا على دور النشر. الزحام كان الملمح الأضخم للأيام الأخيرة . الحجم الهائل للإقبال في الأيام الأخيرة كان له تفاسير عديدة وقناعات مختلفة. حاولنا استعراضها في هذا الاستطلاع. أبو هيثم اعتبر أن الأيام الأخيرة فرصة لزيارة المعرض بعد معرفة أخباره وإصداراته ما يجعله في بدايات المعرض يعكف على قراءة أخباره حتى يقرر اتجاهات زياراته : «بصراحة أفضل دائماً أن أقرأ كل عام أخبار المعرض بحيث أعرف الاتجاه العام للقراء والكتب الأكثر مبيعاً ثم أقرر ما آخذه بينها, كما أنني استمع كثيرا لتجربة زملائي الذين زاروه في أيامه الأولى وتفيدني تجاربهم واتجاهاتهم لهذا أؤجل الزيارة لتكون معروفة الملامح». فيما تعتقد هناء ناصر أن زيارة الأيام الأخيرة ستتيح لها فرصة زيارة المعرض في جو أكثر هدوءاً وأقل إقبالاً على اعتبار أن الأيام الأولى شهدت شدة الإقبال , وهو ما خيب توقعاتها في زيارتها: «أنا متفاجئة جداً من حجم الإقبال, المعرض في يومه التاسع وتوقعت أن الجميع زاروه وأن أزمة الزحام انتهت لكنني فوجئت أن العكس تماما هو الحاصل فالحاضرون كثير جدا وبحسب من سمعت منهم يفوق جدا عدد الحاضرين في الأيام الأولى». من جانب آخر يرى البعض في الأيام الأخيرة فرصة الشراء بالجملة خاصة أصحاب المكتبات الذين يعقدون مع الناشرين اتفاقيات على عدد كبير من النسخ المتبقية في المعرض. ولا يقتصر هذا الاعتقاد على أصحاب المكتبات فقط بل إن العديد من الزوار أقروا باعتقادهم أن أسعار الكتب تنخفض في أيام المعرض الأخيرة. ويتبنى أبو عبد الكريم هذه الوجهة فيقول :»من الطبيعي أن تنخفض الأسعار ولهذا آتي في آخر الأيام, أتوقع أن بيع الكتب بسعر منخفض أفضل لدى الناشرين من تحمل تكلفة إرجاعها على بلدانهم». وتتفق لما الزهراني التي تقول :»عن تجربة سبق أن اشتريت كتب في أول أيام المعرض في دورات سابقة وأخذت أخرى بثلث سعرها في آخر أيام المعرض, لكن الزحام هذا العام يبدو أشد ولا أعتقد أن يضطر الناشرون إلى التخفيض ما دام الإقبال بهذه الضخامة حتى في الأيام الأخيرة». سبب آخر يدفع جمهور من نوع خاص إلى الحرص على حضور الأيام الأخيرة ولا سبب يقودهم إلى ذلك سوى عاطفة راسخة لديهم تجاه معرض الرياض الدولي للكتاب بنيت على أعوام حتى تحول إلى إرث عاطفي تراكمي يزداد مع كل دورة. يقول عبد الله السعيد «بالنسبة لي الأمر أشبه بالحرص على توديع شخص عزيز على قلبك تحرص على أن تكون معه حتى آخر لحظة, وجودي في المعرض يماثل تماما أن ألوح بيدي لهذا الشخص العزيز وهو يغادر». وتتفق ندى السالم مع السعيد في الإقرار بأن المسألة بالنسبة إليها حميمة وعاطفية قبل أي شيء: «المعرض يعني لي الشيء الكثير فهو ليس سوق كتب فحسب بل وجوه أحرص عليها واشتاق اليها وفعاليات أفتقدها وأجواء لا يمكن أن تجدها إلا فيه ولهذا أحرص على تناولها حتى آخر قطرة فيها دون أن أتمكن من إخفاء غصة وداعها».